للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والدة الله اشفعي لنا إلى الابن والإله، وقد أجمع المسلمون على أن هذا شرك، وإذا سألهم معتقدًا تأثيرهم من دون الله فهو أكبر وأطم" (١).

ويقول الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى: "قد أخبر تعالى أن الشفاعة جميعها له، فمن طلبها من غير الله فقد طلبها ممن لا يملكها، ولا يسمع ولا يستجيب، وفي غير الوقت الذي تقع فيه، ولا قدرة له عليها إلا برضا ممن هي له، وإذنه فيها وقبوله، فطلبها ممن هي له في دار العمل عبادة من جملة العبادات، وصرف ذلك الطلب لغيره شرك عظيم، ومن تدبر آيات الشفاعة حق التدبر علم علمًا يقينيًا أنها لا تقع إلا لمن أخلص أعماله كلها لله، واتبع ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من توحيده وشرائع دينه، فليس لله من عمل عبده إلا الإخلاص" (٢).

ولذا يقول الشيخ الشنقيطي مبينًا ومقررًا أن طلب الشفاعة من غير الله، واتخاذ الشفعاء بقصد القربة إلى الله تعالى هو أصل شرك المشركين، فقال: "ادعاء الشفعاء، واتخاذ المعبودات من دون الله وسائط من أصول كفر الكفار" (٣).

ثالثًا: دلت القاعدة على أن الشفاعة لا تطلب إلا من مالكها، فلا تطلب ممن لا يملكها، ولم يؤذن له فيها، وكون الملائكة والأنبياء يشفعون في الآخرة فإن هذا لا يجيز دعاءهم وطلب الشفاعة منهم بعد موتهم أو في غيبتهم؛ لما يترتب على طلب الشفاعة منهم من مفسدة التوجه إلى غير الرب تعالى.


(١) البراهين الإسلامية في رد الشبهة الفارسية، للشيخ عبد اللطيف آل الشيخ (ص ١١٦)، ويقول أيضًا: "فإن تعليق القلب والهمة بغير الله، والإقبال على سواه تعالى هو عين الشرك الأكبر الذي أنكره القرآن، وكفر أهله، وأباح دماءهم وأموالهم لأهل التوحيد والإيمان". [اليراهين الإسلامية (ص ٦٨)].
(٢) الرد على شبهات المستعينين بغير الله (ص ٤٥).
(٣) أضواء البيان (٦/ ٣٥٣).