للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول الإمام ابن تيمية: "وإذا لم يشرع دعاء الملائكة لم يشرع دعاء من مات من الأنبياء والصالحين، ولا أن نطلب منهم الدعاء والشفاعة، وإن كانوا يدعون ويشفعون لوجهين:

أحدهما: أن ما أمرهم الله به من ذلك هم يفعلونه وإن لم يطلب منهم، وما لم يؤمروا به لا يفعلونه ولو طلب منهم، فلا فائدة في الطلب منهم.

الثاني: أن دعاءهم وطلب الشفاعة منهم في هذه الحال يفضي إلى الشرك بهم، ففيه هذه المفسدة، فلو قدر أن فيه مصلحة لكانت هذه المفسدة راجحة، فكيف ولا مصلحة فيه، بخلاف الطلب منهم في حياتهم وحضورهم فإنه لا مفسدة فيه، فإنهم ينهون عن الشرك بهم، بل فيه منفعة: وهو أنهم يثابون ويؤجرون على ما يفعلونه حينئذٍ من نفع الخلق كلهم؛ فإنهم في دار العمل والتكليف، وشفاعتهم في الآخرة فيها إظهار كرامة الله لهم يوم القيامة" (١).

ويقول -الإمام المجدد- الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "فإن قال: النبي - صلى الله عليه وسلم - أُعطي الشفاعة وأنا أطلبه مما أعطاه الله! فالجواب أن الله أعطاه الشفاعة ونهاك عن هذا، فقال: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (١٨)} [الجن: ١٨]، فإذا كنت تدعو الله أن يُشَفِّعَ نبيه فيك فأطعه في قوله: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (١٨)}.

وأيضًا فإن الشفاعة أعطيها غير النبي - صلى الله عليه وسلم -، فصح أن الملائكة يشفعون، والأولياء يشفعون، والأفراط يشفعون، أتقول: إنه الله أعطاهم الشفاعة فاطلبها منهم، فإن قلت هذا رجعت إلى عبادة الصالحين التي ذكر الله في كتابه، وإن قلت: لا بطل قولك أعطاه الله الشفاعة وأنا أطلبه مما أعطاه الله" (٢).


(١) مجموع الفتاوى (١/ ١٨٠ - ١٨١).
(٢) كشف الشبهات ضمن مجموع مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب (٦/ ١٢١).