للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجوز للمسلم أن يشفع فيهم ما داموا على كفرهم وعنادهم، ويستثنى من ذلك أمران:

الأول: شفاعته - صلى الله عليه وسلم - لأهل الموقف (الشفاعة العظمى).

الثاني: شفاعته - صلى الله عليه وسلم - لعمه أبي طالب (١).

يقول الإمام ابن تيمية: "وأيضًا فالأحاديث المستفيضة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الشفاعة فيها استشفاع أهل الموقف ليقضى بينهم، وفيهم المؤمن والكافر، وهذا فيه نوع شفاعة للكفار.

وأيضًا ففي "الصحيح" عن العباس بن عبد المطلب أنه قال: (يا رسول الله هل نفعت أبا طالب بشيء؛ فإنه كان يحوطك ويغضب لك، قال: نعم هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار) ... فهذا نص صحيح صريح لشفاعته في بعض الكفار أن يخفف عنه العذاب، بل في أن يجعل أهون أهل النار عذابًا" (٢).

والحاصل أن هذه الشفاعة في تخفيف العذاب لا في رفعه بالكلية، وهي خاصة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وبأهل الموقف وبعم النبي -صلى الله عليه وسلم- أبي طالب.

يقول ابن العربي: "وهذه شفاعة في تخفيف العذاب" (٣).

ويقول القرطبي رحمه الله: "لا يبعد أن يخفف عن الكافر بعض العذاب بما عمل من الخير، لكن مع انضمام شفاعة، كما جاء في أبي طالب، فأما غيره فقد أخبر التنزيل بقوله: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: ٤٨] " (٤).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب: قصة أبي طالب عن العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه- (قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: ما أغنيت عن عمك فإنه كان يحوطك ويغضب لك، قال: هو في ضحضاح من نار ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار) (٨/ ١٤٠٣)، برقم (٣٦٧٠)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان: باب: قصة أبي طالب (١/ ١٩٤)، برقم (٢٠٩).
(٢) مجموع الفتاوى (١/ ١١٦ - ١١٧).
(٣) أحكام القرآن، لابن العربي (٢/ ٥٩٤).
(٤) تفسير القرطبي (٨/ ١٦٢ - ١٦٣).