للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول الشيخ سليمان آل الشيخ في معنى دعاء العبادة: "أما دعاء العبادة فهو عبادة الله تعالى بأنواع العبادات؛ من الصلاة، والذبح، والنذر، والصيام، والحج، وغيرها، خوفًا وطمعًا، يرجو رحمته، ويخاف عذابه، وإن لم يكن في ذلك صيغة سؤال وطلب، فالعابد الذي يريد الجنة ويهرب من النار وهو سائل راغب راهب، يرغب في حصول مراده ويرهب من فواته، وهو سائل لما يطلبه بامتثال الأمر في فعل العبادة، وقد فسر قوله تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: ٦٠]، بهذا وهذا، قيل اعبدوني وامتثلوا أمري أستجب لكم، وقيل سلوني أعطكم" (١).

ويظهر مما سبق أن دعاء العبادة أعم من دعاء المسألة، فالأول يراد به التقرب إلى الله تعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه بجميع أنواع العبادة، ويكون الطلب والسؤال من الله داخلًا تحت عموم العبادة، إذ يعد والحالة هذه فردًا من أفراد العبادة، وهو في نفس الوقت قسيمًا لدعاء العبادة تحت لفظ الدعاء الشرعي العام (٢).

ومما يدل على كون الدعاء أعم من السؤال تفريق النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الداعي والسائل كما جاء في حديث (النزول) عنْ أبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فأستَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْألُنِي فأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُني فأغْفِرَ لَهُ" (٣).


(١) تيسير العزيز الحميد (ص ١٨٢).
(٢) أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (٦/ ٨٤).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه، أبواب التهجد، باب: الدعاء والصلاة من آخر الليل (١/ ٣٨٤)، برقم (١٠٩٤)، ومسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين، باب: الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه (١/ ٥٢١)، برقم (٧٥٨)، من رواية أبي هريرة -رضي الله عنه-.