للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول ابن أبي العز الحنفي: "والداعي أعم من السائل، وإجابة الداعي أعم من إعطاء السائل، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكر حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - السابق ثم قال عقبه: ففرق بين الداعي والسائل، وبين الإجابة والإعطاء، وهو فرق بين العموم والخصوص، كما أتبع ذلك بالمستغفر، وهو نوع من السائل، فذكر العام ثم الخاص ثم الأخص" (١).

والتوجه بالدعاء لا بد فيه من إرادة وقصد، فإذا أردت بدعائك المعبود نفسه كان ذلك دعاء عبادة، وإذا كان قصدك بدعائك تحصيل أمر، ونيل مطلوب من المعبود كان الدعاء دعاء مسألة.

يقول الإمام ابن تيمية: "ولفظ دعاء الله في القرآن يراد به دعاء العبادة ودعاء المسألة، فدعاء العبادة يكون الله هو المراد به، فيكون الله هو المراد، ودعاء المسألة يكون الله هو المراد منه، كما في قول المصلي: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} [الفاتحة: ٥]، فالعبادة إرادته والاستعانة وسيلة إلى العبادة، فالعبادة إرادة المقصود، وإرادة الاستعانة إرادة الوسيلة إلى المقصود" (٢).

ويقول أيضًا: "والدعاء: قصد المدعو والتوجه إليه إما على وجه المسألة، وإما على وجه العبادة المحضة؛ لأن دعاء الشيء هو طلبه وإرادته، سواء طلب لذاته أو للأمر منه" (٣).

والعلاقة بين دعاء العبادة ودعاء المسألة (٤): أن دعاء العبادة مُسْتَلْزِم لدعاء المسألة ومتضمن له من جهة، فإن من رضي بالله ربًّا


(١) شرح العقيدة الطحاوية (ص ٥٢٢).
(٢) النبوات (ص ٨٢).
(٣) شرح العمدة (٤/ ٢٧ - ٢٨).
(٤) انظر: مجموع الفتاوى (١٥/ ١٠، ٢٤٣)، وجلاء الأفهام (ص ٨١).