للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويراد بالعابد من يطلب ذلك بامتثال الأمر وإن لم يكن هناك صيغة سؤال ولا طلب، ولا يتصور أن يخلو داع لله دعاء عبادة أو دعاء مسألة من الرغب والرهب، والخوف والطمع" (١).

ومما ينبغي التنبيه عليه أن تقسيم الدعاء الشرعي إلى نوعين لا يعني أنهما متضادان أو متباينان بحيث لا يقصد به إلا معنى واحدًا من أنواع الدعاء في كل موطن ورد فيه مع عدم أخذ المعنى الآخر في الاعتبار، هذا لا يحصل؛ لعدم انفكاك أحد النوعين عن الآخر، وإنما غاية الأمر أن تكون دلالة السياق أو ما يقترن به على أحد النوعين أظهر من النوع الآخر، وهو في نفس الوقت دال على النوع الآخر إما بدلالة الالتزام، أو بدلالة التضمن، وعلى النوع الذي هو فيه أظهر بدلالة المطابقة؛ فإذا أريد بالدعاء دعاء المسألة والطلب، فإنَّه يدل على دعاء العبادة بطريق التضمن؛ لأن الداعي دعاء المسألة عابد لله تعالى بسؤاله والتضرع إليه، وأما إذا أريد بالدعاء دعاء العبادة، فإنَّه يدل على دعاء المسألة بطريق دلالة الالتزام والتضمن من جهة كما سبق تفصيله.

ومن أهل العلم من قسَّم دعاء المسألة إلى قسمين: دعاء عبادة ودعاء عادة.

يقول الشيخ محمد رشيد رضا: "إن الدعاء قسمان: دعاء العبادة، ودعاء العادة، فالثاني ما يطلبه الناس بعضهم من بعض، مما يقدرون عليه بالأسباب التي سخرها الله لهم، ودعاء العبادة: هو طلب ما وراء الأسباب مما لا يقدر عليه إلا رب العباد" (٢).


(١) مختصر الفتاوى المصرية (ص ١٢٨).
(٢) انظر: تعليق الشيخ محمد رشيد على كتاب "صيانة الإنسان" (ص ٣٧٤)، وحياة القلوب بدعاء علام الغيوب، لعبد الظاهر أبي السمح (ص ٣١).