للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معنييه، وإنما هو من باب استعمال اللفظ في حقيقته المشتملة على المعنيين جميعًا، فهو من باب الألفاظ المتواطئة (١)، التي وضعت لمعنى واحد صادق على أفراد، وليست موضوعة لمعانٍ متعددة (٢)، فالأسماء المتواطئة إنما تقتضى أن يكون بين المسميين قدر مشترك وإن كان المسميان مختلفين أو متضادين (٣).

يقول الإمام ابن تيمية: "وعلى هذا فقوله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: ١٨٦]: يتناول نوعي الدعاء، وبكل منهما فسرت الآية؛ قيل: أعطيه إذا سألني، وقيل: أثيبه إذا عبدني، والقولان متلازمان، وليس هذا من استعمال اللفظ المشترك في معنييه كليهما، أو استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، بل هذا استعماله في حقيقته المتضمنة للأمرين جميعًا، فتأمله فإنه موضوع عظيم النفع، وقل ما يُفْطَن له، وأكثر آيات القرآن دالة على معنيين فصاعدًا فهي من هذا القبيل" (٤).


= أولًا من حيث هما كذلك"، وقال الجرجاني: "المشترك: ما وضع لمعنى كثير بوضع كثير؛ كالعين لاشتراكه بين المعاني". [انظر: المحصول للرازي (١/ ٣٥٩)، والتعريفات (ص ٢٧٤)].
(١) قال الجرجاني: "المتواطئ: هو الكلي الذي يكون حصول معناه وصدقه على أفراده الذهنية والخارجية على السوية؛ كالإنسان والشمس فإن الإنسان له أفراد في الخارج، وصدقه عليها بالسوية، والشمس لها أفراد في الذهن، وصدقها عليها أيضًا بالسوية". [التعريفات (ص ٢٥٧)، وانظر: التمهيد للأسنوي (ص ٨٠)، والتوقيف على مهمات التعاريف (ص ٦٣٥)].
(٢) انظر: القواعد والفوائد الأصولية، لعلي بن عباس البعلي الحنبلي (ص ٦٦).
وقال المرداوي: "والفرق بين الاشتراك والتواطؤ: أن الاشتراك يقال على كل واحد منهما بانفراده حقيقة بخلاف المتواطئ فإنه لا يقال حقيقة إلا عليهما مجتمعين لا غير والله أعلم". [الإنصاف (٨/ ٥ - ٦)].
(٣) انظر: مجموع الفتاوى (٥/ ٢١٢).
(٤) مجموع الفتاوى (١٥/ ١١)، ويقول أيضًا: "واللفظ إذا استعمل في معنيين فصاعدًا فإما أن يجعل حقيقة في أحدهما مجازًا في الآخر، أو حقيقة فيما يختص به كل =