للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسبب سوء ظنهم بالله تبارك وتعالى، فاتخاذهم للشريك مع الله تعالى كان علامة على ظنهم السيء بالله تعالى.

قال ابن الجوزي: "قوله تعالى: {الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ}: فيه خمسة أقوال:

أحدها: أنهم ظنوا أن لله شريكًا" (١).

وقوله سبحانه في قصة إبراهيم عليه السلام: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ (٨٥) أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (٨٦) فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٨٧)} [الصافات: ٨٥ - ٨٧]؛ أي: فما ظنكم أن يجازيكم وقد عبدتم معه غيره (٢).

قال أبو السعود في معنى الآية: "أي: بمن هو حقيق بالعبادة لكونه ربًّا للعالمين حتى تركتم عبادته خاصة وأشركتم به أخس مخلوقاته، أو فما ظنكم به أي شيء هو من الأشياء حتى جعلتم الأصنام له أندادًا، أو فما ظنكم به ماذا يفعل بكم، وكيف يعاقبكم بعد ما فعلتم ما فعلتم من الإشراك به" (٣).

ويقول الشيخ السعدي: "فما ظنكم برب العالمين، أي: وما الذي ظننتم برب العالمين من النقص حتى جعلتم له أندادًا وشركاء" (٤).

يقول الإمام ابن القيم: "فالشرك والتعطيل مبنيان على سوء الظن بالله تعالى، ولهذا قال إبراهيم إمام الحنفاء لخصمائه من المشركين: {أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (٨٦) فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٨٧)}، وإن كان المعنى ما ظنكم به أن يعاملكم ويجازيكم به وقد عبدتم معه غيره وجعلتم له ندًّا فأنت تجد تحت هذا التهديد ما ظننتم بربكم من السوء حتى عبدتم


(١) زاد المسير (٧/ ٤٢٦)، وانظر: تفسير البحر المحيط (٨/ ٩١).
(٢) انظر: تفسير الطبري (٢٣/ ٧٠)، وتفسير البغوي (٤/ ٣٠)، وتفسير ابن كثير (٤/ ١٣).
(٣) تفسير أبي السعود (٧/ ١٩٧)، وانظر: (٥/ ١٣٠).
(٤) تفسير السعدي (ص ٧٠٥).