للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثانيًا: أفادت القاعدة الحذر العظيم من الشرك الأصغر لكونه طريقًا وبابًا إلى الشرك الأكبر، والخسران الأعظم، الذي ليس بعده فلاح ولا نجاح ولا فوز، بل هو الخلود في جهنم وساءت مصيرًا؛ ولذا كان هذا الشرك من أعظم مخاوف النبي -صلى الله عليه وسلم- على أمته كما سبق في حديث محمود بن لبيد.

ثالثًا: ومما يدخل في القاعدة: تعليق التمائم، ولبس الحلقة، أو الخيط، أو العظم، أو الشعر، أو غير ذلك لرفع البلاء أو دفعه. كل ذلك من الشرك الأصغر المنهي عنه شرعًا؛ لما فيه من تعلق القلب بغيره سبحانه، واعتقاد أنها سبب يؤثر في رفع البلايا، أو جلب المنافع.

ولا شك أن جعل الشيء مؤثرًا في غيره إنما هو من خصاص الرب تبارك وتعالى، إذ هو الخالق لكل شيء، فمن تعلق قلبه بشيء لجلب خير أو دفع شر لم يجعله الشارع سببًا لهذا، ولم يأذن باتخاذه يكون واقعًا في الشرك الأصغر؛ لأنَّه لما اعتقد أن ما ليس بسبب سببًا فقد شارك الله تعالى في الحكم لهذا الشيء بأنه سبب، والله تعالى لم يجعله سببًا، أما إن اعتقد أن هذه الأمور المعلقة تدفع الشر، وتجلب الخير بذاتها وقدرتها المستقلة أداه ذلك إلى الشرك الأكبر في توحيد الربوبية، المخرج عن دين الإسلام؛ لأنه اعتقد أن مع الله خالقًا غيره (١).

يقول الشيخ حافظ الحكمي: "هذه الأمور المذكورة التي يتعلق بها العامة غالبها من الشرك الأصغر، لكن إذا اعتمد العبد عليها بحيث يثق بها، ويضيف النفع والضر إليها كان ذلك شركًا أكبر والعياذ بالله؛ لأنه حينئذٍ صار متوكلًا على سوى الله، ملتجئًا إلى غيره" (٢).


= هناك من الأقوال والأعمال ما هو شرك أكبر مخرج عن الإسلام؛ وهي الأقوال والأعمال المناقضة لكلمة التوحيد.
(١) انظر: الشرح الممتع، لابن عثيمين (١/ ١٦٥).
(٢) معارج القبول، لحافظ الحكمي (٢/ ٤٩٧).