للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعظمة في الحقيقة إنما هي لله وحده (١).

قال الإمام أبو جعفر الطحاوي -رحمه الله- في معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: "أن من حلف بشيء دون الله فقد أشرك": "فكان ذلك عندنا والله أعلم لم يرد به الشرك الذي يخرج به من الإسلام حتى يكون به صاحبه خارجًا من الإسلام، ولكنه أريد أن لا ينبغي أن يحلف بغير الله تعالى، وكان من حلف بغير الله قد جعل ما حلف به كما الله تعالى محلوفًا به، وكان بذلك قد جعل من حلف به، أوما حلف به شريكًا فيما يحلف به، وذلك عظيم، فجعل مشركًا بذلك شركًا غير الشرك الذي يكون به كافرًا بالله تعالى" (٢).

ويقول الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-: "وكذلك الحلف بغير الله لا يجوز، وهو من الشرك الأصغر أيضًا، وقد يكون من الشرك الأكبر إذا اعتقد الحالف بغير الله أن هذا المحلوف به مثل الله، أو يصح أن يدعى من دون الله، أو أنه يتصرف في الكون من دون الله فإنه يكون شركًا أكبر" (٣).

ويقول الشيخ محمد أمان الجامي -رحمه الله-: "وقد ينتقل بعض أفراد هذا النوع من الشرك الأصغر إلى دائرة الشرك الأكبر بأمور خارجة تطرأ أحيانًا وتصاحب القول، كأن يصل تعظيم المحلوف به في قلب الحالف، والخوف إلى حد تعظيم الموحد ربه وخالقه، أو أعظم من ذلك، وفي هذه الحالة ينتقل القَسَم بغير الله من الشرك الأصغر إلى الشرك الأكبر؛ لأن من بلغ إلى هذه الحالة فقد خرب قلبه، وحقيقة الكفر هو خراب القلب، ويفقد تقدير الله حق قدره، وتعظيمه، والخوف منه، ويحل محل


(١) انظر: شرح الزرقاني (٣/ ٨٨)، وفيض القدير للمناوي (٦/ ١٢٠).
(٢) شرح مشكل الآثار للطحاوي (٢/ ٢٩٧).
(٣) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (٥/ ٣٠٧).