للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا الشرك متعلق بالقلب، ويشبهه من يتوكل على سلطان أو ملك ظالم فيما جعله الله في يده من القوة والبطش أو الرزق والخير.

أما الخوف الشركي فأن يخاف ممن لا يملك أسباب الخوف الحسية والظاهرة، وكذا الرجاء فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، وكذا من توكل واعتمد على غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله فذلك هو عين الشرك المخرج عن الإسلام، وعليه فالشرك الأصغر في الخوف والرجاء والتوكل يؤدي إلى الشرك الأكبر المحبط لجميع الأعمال.

يقول -الإمام المجدد- الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "وأما خوف المخلوق؛ فالمراد به الخوف الذي يحملك أن تترك ما فرض الله عليك، وتفعل ما حرم الله عليك خوفًا من ذلك المخلوق، وأما الرجاء فلعل المراد الذي يخرج العبد عن التوكل على الله، والثقة بوعده، وكل هذه الأمور كثيرة جدًّا.

وأما قولك: هل المراد به الشرك الأصغر أو الأكبر فهذا يختلف باختلاف الأحوال، وقد يتصنع لمخلوق فيخافه أو يرجوه فيدخل في الشرك الأصغر، وقد يتزايد ذلك ويتوغل فيه حتى يصل إلى الشرك الأكبر" (١).

ويقول الإمام ابن تيمية: "وإن كان مراده جنس الشرك؛ فيقال: ظلم العبد نفسه كبخله -لحب المال- ببعض الواجب هو شرك أصغر وحبه ما يبغضه الله حتى يكون يقدم هواه على محبة الله شرك أصغر، ونحو ذلك، فهذا صاحبه قد فاته من الأمن والاهتداء بحسبه، ولهذا كان السلف يدخلون الذنوب في هذا الظلم بهذا الاعتبار" (٢).


(١) الفتاوى، للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب (ص ٣٨).
(٢) مجموع الفتاوى (٧/ ٨٢).