للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله: "والفرق بين الواو وثم: أنه إذا عطف بالواو كان مضاهيًا مشيئة الله بمشيئة العبد إذ قرن بينهما، وإذا عطف بـ (ثم) فقد جعل مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله عزَّ وجلَّ كما قال تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [التكوير: ٢٩] " (١).

وقال الشافعي -رحمه الله-: "المشيئة: إرادة الله -عزَّ وجلَّ- قال الله -عزَّ وجلَّ-: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}، فأعلم الله خلقه أن المشيئة له دون خلقه، وأن مشيئتهم لا تكون إلا أن يشاء" (٢).

ومما يلحق بذلك قول البعض: (ما لي غير الله وأنت) و (أنا داخل على الله وعليك)، وأقبح منه قول البعض: (باسم الله والوطن)، أو (باسم الله والشعب)، ونحو ذلك من الألفاظ الشركية التي تضمنت سوء الأدب وسوء الظن بالرب المالك القدير.

يقول الإمام ابن القيم: "وفي معنى هذا الشرك المنهي عنه قول من لا يتوقى الشرك: (أنا بالله وبك) (وأنا في حسب الله وحسبك) (ومالي إلا الله وأنت) (وأنا متوكل على الله وعليك) (وهذا من الله ومنك) (والله لي في السماء وأنت لي في الأرض)، و (الله وحياتك)، وأمثال هذا من الألفاظ التي يجعل فيها قائلها المخلوق ندًّا للخالق، وهي أشد منعًا وقبحًا من قوله: (ما شاء الله وشئت) " (٣).

ثامنًا: ومن أنواع الشرك الأصغر وتتناوله القاعدة في كونه وسيلة إلى الشرك الأكبر الخوف من غير الله المؤدي إلى ترك الطاعة وفعل المعصية، وكذا رجاء غير الله فيما يملكه المخلوق ويقدر عليه، وكذلك محبة ما يبغضه الله تعالى مما حرمه، ومن ذلك التوكل والاعتماد على غير الله تعالى فيما يقدر عليه ذلك الغير من الأسباب الظاهرة الحسية،


(١) معارج القبول للحكمي (٢/ ٤٩٧).
(٢) الاعتقاد للبيهقي (ص ١٥٧).
(٣) زاد المعاد في هدي خير العباد (٢/ ٣٥٣).