للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التي جمع فيها بينه وبين الله في المشيئة؛ إذ مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله، فلا يكون شريكه لما يعلم أن كون الشيء ندًا لله قد يكون بدون أن يعبد العبادة التامة، فإن ذلك الرجل ما كان يعبد رسول الله تلك العبادة" (١).

يقول العلامة عبد العزيز بن باز: "ومن هذا الباب قول: ما شاء الله وشاء فلان، ولولا الله وفلان، وهذا من الله وفلان، وهذا كله من الشرك الأصغر، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان" (٢)، وبهذا يعلم أنه لا حرج بأن يقول: لولا الله ثم فلان، أو هذا من الله ثم فلان .. إذا كان له تسبب في ذلك.

وثبت عنه -صلى الله عليه وسلم-: أن رجلًا قال له: ما شاء الله وشئت فقال له -صلى الله عليه وسلم-: "أجعلتني لله ندًّا قل ما شاء الله وحده"، فدل هذا الحديث على أنه إذا قال: ما شاء الله وحده فهذا هو الأكمل، وإن قال ما شاء الله ثم شاء فلان فلا حرج جمعًا بين الأحاديث والأدلة كلها والله ولي التوفيق" (٣).

وفيما سبق من نصوص الدلالة على حرمة التسوية بين الله وغيره، وأنه يعد من الشرك، وهو من شرك الألفاظ؛ لأنَّه يوهم أن مشيئة العبد مساوية لمشيئة الرب سبحانه وتعالى، والسبب في ذلك استعمال الواو التي تقتضي مطلق الجمع بين المشيئتين، فإن اعتقد حقيقة المساواة بين الرب والعبد كان مشركًا الشرك الأكبر المخرج إلى الكفر بالله العظيم.


(١) قاعدة في المحبة ضمن جامع الرسائل، لابن تيمية المجموعة الثانية (ص ٢٧٥).
(٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٥/ ٣٨٤)، برقم (٢٣٣١٣)، والنسائي في السُّنن الكبرى (٦/ ٢٤٥)، برقم (١٠٨٢١)، وأبو داود في السُّنن (٤/ ٢٩٥)، برقم (٤٩٨٠)، والدارمي في سننه (٢/ ٣٨٢)، برقم (٢٦٩٩)، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (١/ ٢١٤)، برقم (١٣٧): "قلت: وهذا سند صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن يسار، وهو "قلت: وهذا سند صحيح، ورجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن يسار، وهو الجهني الكوفي وهو ثقة، وثقه النسائي وابن حبان".
(٣) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، لابن باز (٧/ ٥٢).