للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بذريعة؛ أي: تَوَسَّلَ، والذريعة: السبب إلى الشيء، وقولهم فلان ذَرِيعتي إلى كذا، وهذا الأمر ذَرِيعَتي؛ أي: سببي ووسيلتي إليه، ومعنى الذريعة في كلام العرب: ما يدني الإنسان من الشيء ويُقرِّبه منه، والأصل في هذا: أنْ يُرْسَلَ البعيرُ مع الوحش يرعى معها، حتى يأنس بالوحش، ويأنس به الوحش، فإذا أراد الرجل أن يصيدها استتر بالبعير، حتى إذا حاذى الوحش وداناها رماها فصادها، ويسمُّون هذا البعير الذريعة، ثم جُعِلت الذريعةُ مثلًا لكل شيء أَدْنى من شيء وقَرَّب منه (١).

وبهذا يظهر الاتفاق بين معنى الوسيلة والذريعة من جهة المعنى العام، وهي ما يتوصل به إلى الشيء، سواء كان هذا الشيء خيرًا أم شرًا، مصلحة أو مفسدة، وهذا هو معنى الذريعة العام.

غير أن غالب أهل الفقه قد اصطلحوا على أن الذرائع هي: الطرق المفضية إلى المفاسد والشرور -خاصة-، أو هي: الأشياء الّتي ظاهرها الإباحة ويتوصّل بها إلى فعل محظور.

يقول الإمام ابن تيمية: "والذريعة: ما كان وسيلة وطريقًا إلى الشيء، لكن صارت في عرف الفقهاء عبارة: عما أفضت إلى فعل محرم، ولو تجردت عن ذلك الإفضاء لم يكن فيها مفسدة، ولهذا قيل: الذريعة الفعل الذي ظاهره أنه مباح، وهو وسيلة إلى فعل المحرم، أما


= كتابه "معجم الفروق اللغوية" فقال: "الفرق بين الوسيلة والذريعة: أن الوسيلة عند أهل اللغة هي القربة، وأصلها من قولك: سألت أسال؛ أي: طلبت، وهما يتساولان؛ أي: يطلبان القربة التي ينبغي أن يطلب مثلها، وتقول: توسلت إليه بكذا، فتجعل كذا طريقًا إلى بغيتك عنده، والذريعة إلى الشيء: هي الطريق إليه؛ ولهذا يقال: جعلت كذا ذريعة إلى كذا، فتجعل هي الطريقة نفسها، وليست الوسيلة هي الطريقة فالفرق بينهما بَيِّن". [معجم الفروق اللغوية للعسكري (ص ٣٣٣)].
(١) انظر: العين (٢/ ٩٨)، وتاج العروس (٢١/ ١٢)، ومقاييس اللغة (٢/ ٣٥٠)، ولسان العرب (٨/ ٩٦)، والزاهر في معاني كلمات الناس (١/ ٥٠١)، وتهذيب الأسماء (٣/ ١٠٤)، والمعجم الوسيط (١/ ٣١١).