للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صحيحة صريحة محكمة فيما دلت عليه، وقبور المعظمين مقصودة بذلك النص والعلة، ولا ريب أن هذا من أعظم المحاذير، وهو أصل أسباب الشرك، والفتنة به في العالم" (١).

ويقول الحافظ ابن حجر في مسألة اتخاذ المساجد على قبور الصالحين مرجحًا للمنع من ذلك سدًّا للذريعة: "وقد يقول بالمنع مطلقًا من يرى سد الذريعة، وهو هنا متجه قوي " (٢).

ونقل الإمام الصنعاني عن الشيخ شَرَفِ الدِّين الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَغْرِبِيِّ (٣) فقال: "وَهَذِهِ الْأَخْبَارُ الْمُعَبَّرُ فِيهَا بِاللَّعْنِ وَالتَّشْبيهِ بِقَوْلِهِ: "لَا تَجْعَلُوا قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ الله" تُفِيدُ التَّحْرِيمَ لِلْعِمَارَةِ، والتَّزْيِينِ، وَالتَّجْصِيصِ وَوَضْعِ الصُّنْدُوقِ الْمُزَخْرَفِ، وَوَضْعِ السَّتَائِر عَلَى الْقَبْرِ، وَعَلَى سَمَائِهِ، وَالتَّمَسُّحِ بِجِدَارِ الْقَبْرِ، وَأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يُفْضِي مَعَ بُعْدِ الْعَهْدِ، وَفشو الْجَهْلِ إِلَى مَا كَانَ عَليْهِ الْأُمَمُ السَّابِقَةُ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، فَكَانَ فِي الْمَنْعِ عَنْ ذَلِكَ بِالْكُلِّيَّةِ قَطَعًا لِهَذِهِ الذَّرِيعَةِ الْمُفْضِيَةِ إِلَى الْفَسادِ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلْحِكْمَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي شَرْعِ الْأَحْكَامِ؛ مِنْ جَلْبِ الْمَصالِحِ، وَدَفْعِ الْمَفَاسِدَ، سَوَاءٌ كَانَتْ بِأَنْفُسِهَا، أَوْ بِاعْتِبارِ مَا تُفْضي إِلَيْهِ" (٤).


(١) الصارم المنكي في الرد على السبكي (ص ٤٥٩).
(٢) فتح الباري (٣/ ٢٠٨).
(٣) هو: الحسين بن محمد بن سعيد بن عيسى اللاعي المعروف بالمغربي، قاضي صنعاء وعالمها ومحدثها، ولد سنة ١٠٤٨ هـ، وبرع في عدة علوم، وأخذ عنه جماعة من العلماء، وهو مصنف: البدر التمام شرح بلوغ المرام، وهو شرح حافل ومفيد، وقد اختصره السيد العلامة محمد بن إسماعيل الأمير، وسمى المختصر: سبل السلام، وله رسالة في حديث: "أخرجوا اليهود من جزيرة العرب"، وكان أخوه الحسن من محاسن اليمن، ولهذين الأخوين ذرية صالحة هم ما بين عالم وعامل وإلى الآن وهم كذلك، وبيتهم معمور بالفضائل، توفى صاحب الترجمة سنة ١١١٩ هـ، وقيل: سنة ١١١٥ هـ. [ترجمته في: البدر الطالع (١/ ٢٣٠ - ٢٣١)].
(٤) سبل السلام (٢/ ١١١).