للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كل ذلك لئلا تكون هذه الأمور ذريعة إلى الغلو فيها، واتخاذها أوثانًا والإشراك بها، وقد منع -صلى الله عليه وسلم- من هذه الأمور سواء قصدها المسلم أم لم يقصدها، بل منع من قصد خلافها سدًّا للذريعة (١).

يقول الإمام ابن تيمية: "واتخاذ المكان مسجدًا: هو أن يتخذ للصلوات الخمس وغيرها، كما تبنى المساجد لذلك، والمكان المتخذ مسجدًا إنما يقصد فيه عبادة الله، ودعاؤه، لا دعاء المخلوقين، فحرم -صلى الله عليه وسلم- أن تتخذ قبورهم مساجد بقصد الصلوات فيها كما تقصد المساجد، وإن كان القاصد لذلك إنما يقصد عبادة الله وحده؛ لأن ذلك ذريعة إلى أن يقصدوا المسجد لأجل صاحب القبر، ودعائه، والدعاء به، والدعاء عنده، فنهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن اتخاذ هذا المكان لعبادة الله وحده؛ لئلا يتخذ ذريعة إلى الشرك بالله، والفعل إذا كان يفضي إلى مفسدة وليس فيه مصلحة راجحة ينهى عنه" (٢).

ويقول الإمام ابن عبد الهادي (٣): "فإن النصوص التي صحت عنه -صلى الله عليه وسلم- بالنهي عن تعظيم القبور بكل نوع يؤدي إلى الشرك ووسائله؛ من الصلاة عندها وإليها، واتخاذها مساجد، وإيقاد السرج عليها، وشد الرحال إليها، وجعلها أعيادًا يجتمع لها كما يجتمع للعيد، ونحو ذلك


= وصحيح مسلم (٢/ ٦٦٨)، برقم (٣١٦٤)، وسنن الترمذي (٣/ ٣٦٨)، برقم (١٠٥٢)، وسنن النسائي الكبرى (١/ ٦٥٣)، بقم (٢١٥٥، ٢١٥٦)، ومصنف ابن ابي شيبة (٣/ ٢٥)، برقم (١١٧٦٤).
(١) انظر: إعلام الموقعين (٣/ ١٣٩).
(٢) مجموع الفتاوى (١/ ١٦٣ - ١٦٤)، وانظر: اقتضاء الصراط (٤٠٤، ٤٠٥، ٤٢٣).
(٣) هو: شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة المقدسي الحنبلي، الإمام المحدث الحافظ، الحاذق الفقيه، النحوي اللغوي ذو الفنون، ولد سنة ٧٠٥ هـ، من مؤلفاته: شرح على التسهيل والأحكام في الفقه، والصارم المنكي، وله المحرر في اختصار الإلمام، وغيرها، مات في جمادى الأولى سنة ٧٤٤ هـ. [ترجمته في: شذرات الذهب (٦/ ١٤١)، وطبقات الحفاظ (ص ٥٢٤ - ٥٢٥)].