للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في أقوالهم، وخطابهم، فإنهم كانوا يخاطبون بها النبي -صلى الله عليه وسلم- ويقصدون بها السب، يقصدون فاعلًا من الرعونة، فنهي المسلمون عن قولها سدًا لذريعة المشابهة، ولئلا يكون ذلك ذريعة إلى أن يقولها اليهود للنبي -صلى الله عليه وسلم- تشبهًا بالمسلمين، يقصدون بها غير ما يقصده المسلمون" (١).

ثالثًا: قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ مِنْ أَكْبَرِ الكَبَائِرِ أنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ والدَيْهِ قيل: يا رَسول الله وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ والِدَيْهِ، قال: "يَسُبُّ الرَّجُلُ أبا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أباهُ ويَسُبُّ أمّهُ فَيَسُبُّ أُمّهُ" (٢).

قال ابن بطال: "هذا الحديث أصل في سد الذرائع ويؤخذ منه أن من آل فعله إلى محرم يحرم عليه ذلك الفعل وإنْ لم يقصد إلى ما يحرم والأصل في هذا الحديث قوله تعالى {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [الأنعام: ١٠٨] " (٣).

ويقول الإمام ابن تيمية بعد ذكره للحديث: "فإذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد جعل من الكبائر أن يسب الرجل أبا غيره لئلا يسب أباه، فكيف إذا سب هو أباه مباشرة، فهذا يستحق العقوبة التي تمنعه عن عقوق الوالدين" (٤).

رابعًا: نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن عدة أمور تتعلق بالقبور؛ كبناء المساجد عليها، بل لعن من فعل ذلك، ونهى عن الصلاة إليها وعندها، وعن تجصيصها وتشريفها، ونهى عن إيقاد المصابيح عليها، وأمر بتسويتها، ونهى عن اتخاذها عيدًا، وعن شد الرحال إليها (٥).


(١) إعلام الموقعين (٣/ ١٣٧).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب: لا يسب الرجل والديه، (٥/ ٢٢٢٨)، رقم (٥٦٢٨)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب: بيان الكبائر وأكبرها، (١/ ٩٢)، رقم (٩٠).
(٣) فتح الباري (١٠/ ٤٠٤).
(٤) مجموع الفتاوى (٣٤/ ٢٢٦).
(٥) انظر الأدلة على ما سبق: صحيح البخاري (١/ ١٦٨)، برقم (٤٢٥، ٤٢٦)،=