للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباطن بحسبها، وهذا أمر معلوم بالمشاهدة، قد دلَّ عليه الشرع والعقل والحس (١).

وكما نهى عن الصلاة بعد العصر وبعد الصبح؛ فإن الكفار يسجدون للشمس في هذين الوقتين، فمنع من الصلاة فيهما سدًّا للذريعة.

يقول الإمام ابن تيمية: "فإن المشابهة والمشاكلة في الأمور الظاهرة توجب مشابهة ومشاكلة في الأمور الباطنة، على وجه المسارقة، والتدريج الخفي، والمشاركة في الهدي الظاهر توجب أيضًا مناسبة، وائتلافًا وإن بعد المكان والزمان، فهذا أيضًا أمر محسوس.

فمشابهتهم في الظاهر سبب ومظنة لمشابهتهم في عين الأخلاق والأفعال المذمومة، بل في نفس الاعتقادات، وتأثير ذلك لا يظهر ولا ينضبط، ونفس الفساد الحاصل من المشابهة قد لا يظهر ولا ينضبط، وقد يتعسر أو يتعذر زواله بعد حصوله لو تفطن له، وكل ما كان سببًا إلى مثل هذا الفساد فإن الشارع يحرمه كما دلت عليه الأصول المقررة (٢).

ويقول الإمام ابن القيم: "ونهى عن التشبه بأهل الكتاب، وغيرهم من الكفار في مواضع كثيرة؛ لأن المشابهة الظاهرة ذريعة إلى الموافقة الباطنة؛ فإنه إذا أشبه الهدي الهدي، أشبه القلب القلب" (٣).

كما نهى عن التشبه بأهل الكتاب في أحاديث كثيرة؛ كقوله: "إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم" (٤)، وقوله: "خالفوا اليهود فإنهم


(١) انظر: أحكام أهل الذمة (٣/ ١٢٨٢ - ١٢٨٣)، والفروسية (ص ١٢١).
(٢) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم (ص ٢٢٠).
(٣) إغاثة اللهفان (١/ ٣٦٤)، وانظر: إعلام الموقعين (٣/ ١١٣٩ - ١١٤٠).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل (٣/ ١٢٧٥)، برقم (٣٢٧٥)، ومسلم في صحيحه، كتاب اللباس والزينة (١٣/ ٦٦٣)، برقم (٢١٠٣).