للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول الإمام الشاطبي: "الذرائع في الحكم بمنزلة المتذرع إليه، ومنه ما ثبت في "الصحيح" من قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من أكبر الكبائر أن يسب الرجل والديه قالوا يا رسول الله: وهل يسب الرجل والديه، قال: "نعم؛ يسب أبا الرجل فيسب أباه وأمه" فجعل سب الرجل لولدي غيره بمنزلة سبه لوالديه نفسه، حتى ترجمه عنها بقوله: (أن يسب الرجل والديه) ولم يقل: (أن يسب الرجل والدي من يسب والديه) أو نحو ذلك، وهو غاية معنى ما نحن فيه" (١).

ويقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين: "والذرائع نوعان:

أ- ذرائع إلى أمور مطلوبة، فهذه لا تسد، بل تفتح وتطلب.

ب- ذرائع إلى أمور مذمومة؛ فهذه تسد ...

وذات الأنواط وسيلة إلى الشرك الأكبر، فإذا وضعوا عليها أسلحتهم وتبركوا بها؛ يتدرج بهم الشيطان إلى عبادتها وسؤالهم حوائجهم منها مباشرة، فلهذا سد النبي -صلى الله عليه وسلم- الذرائع" (٢).

ثالثًا: ما نهي عنه من الأمور التي هي مباحة في الأصل أو مشروعة سدًّا للذريعة فإنه يباح وتفعل الذريعة إذا انتفت المفسدة، أو كان في فعلها مصلحة راجحة فاقت تلك المفسدة، ولا شك أن مرجع النظر في هذه الأمور للراسخين من أهل العلم.

يقول الإمام ابن تيمية: "فالنهى عن الصلاة فيها -أي: في أوقات النهي- هو من باب سد الذرائع؛ لئلا يتشبه بالمشركين فيفضي إلى الشرك، وما كان منهيًا عنه لسد الذريعة لا لأنه مفسدة في نفسه يشرع إذا كان فيه مصلحة راجحة، ولا تُفَوت المصلحة لغير مفسدة راجحة، والصلاة لله فيه ليس فيها مفسدة، بل هي ذريعة إلى المفسدة، فإذا


(١) الاعتصام (٢/ ٣٤).
(٢) القول المفيد على كتاب التوحيد (١/ ٢٠٩).