كذلك أيضاً: هؤلاء الذين يعيبون أهل الخير، قد يكون كثير منهم من الذين يتعاطون القمار، ويتعاطون الميسر الذي قرنه الله بالخمر، فكثير منهم يبيتون طوال الليل على اللعب بما يسمى الأوراق، أوراق اللعب -البلوت- أو ما أشبهها.
ماذا يستفيدون من هذا اللعب؟ إن كان على عوض فإنه الميسر المحرم، بحيث إنه يكتسب حراماً إذا اكتسبه، وإذا كان واحد منهما كاسباً والآخر مكسوباً، فالكاسبُ أكل حراماً، مع ما يترتب على ذلك من العقوبة ومن الإثم الذي ذكره الله بقوله:{إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ}[المائدة:٩١]، فالميسر هو هذا اللعب الذي يؤخذ عليه عوض:{وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ}[المائدة:٩١]، لا شك أن الذين يلعبونه ينشغلون عن الذكر فلا تجدهم يذكرون الله إلا قليلاً، وينشغلون عن الصلاة.
كثير منهم إذا لعبوا إلى نصف الليل أو ثلث الليل أو ثلثي الليل لا يدركون الصلاة مع الجماعة، وهذا من أضرار هذه الألعاب التي فشت وتمكنت في كثير من الناس -والعياذ بالله- ويدعون أنهم بذلك يقطعون الفراغ، وأن عندهم فراغاً يحبون أن يشغلوه بما ينشغلون به، حتى لا يكون عندهم وقتٌ ليس فيه عمل، وبئس ما فعلوا! فعندهم وقت ثمين يستحق أن يشغلوه بطاعة الله فما بالهم لم يتعلموا العلم؟ وما بالهم لم يتعلموا القرآن ولم يتعلموا حفظه؟ وما بالهم لم يجتهدوا في ذكر الله تعالى ودعائه وطاعته؟ لماذا ينشغلون باللهو واللعب؟ ومع ذلك يتركون ما هو ذكر وطاعة وخير، ويقطعون أوقاتهم.
هذا من المحرمات المتمكنة التي تذهب بالأوقات كثيراً.