وهكذا أيضاً في العبادات كالصلاة مثلاً: فإذا نظرنا إلى بعض الأئمة الذين قد يزيدون في الصلاة ويطيلونها إطالة قد تكون مملة، في الأفعال أو في القراءة أو ما أشبه ذلك، فيملون ويضجر من معهم من المأمومين، ويستثقلون صلاتهم وينفرون منهم، فهؤلاء في طرف، وهم أهل إفراط وغلو وزيادة.
وهناك طرف ثانٍ يقصرون ويخلون، وينقرون الصلاة نقراً، ولا يطمئنون في حركاتها ولا في أفعالها كما ينبغي، فلا تنقعد صلاتهم ولا تكون مجزئة، ويكونون سبباً في إبطال صلاة من صلى معهم، ولو كثر الذين يرغبون في الصلاة معهم، فهؤلاء في طرف وهؤلاء في طرف، ودين الله وسط، والصلاة المعتدلة المتوسطة بين هؤلاء وهؤلاء، فالإمام يراعي حال المأمومين فلا يطيل إطالة تملهم وتضجرهم، ولا يخفف تخفيفاً يخل بالعبادة، ولكن يطمئن فيها الطمأنينة الشرعية، ويحرص على الاقتداء بالصلاة النبوية في القراءة وفي الأذكار وفي غيرها، وبذلك يكون متوسطاً بين الغالي والجافي، فهذا أيضاً مما انقسم الناس فيه إلى طرفي نقيض، ثم توسط أهل الحق بين هذين الطرفين.