أيضاً: فمقدمات هذه المحرمات ملحقة بها، ولذلك سوف نذكر ما يلحق بها حتى يعرف المسلم أن المعاصي كبيرها وصغيرها لا يجوز التهاون به، فمقدمة السيئات تعتبر سيئات، والمقدمات التي هي الصغائر تعتبر من الذنوب، ولا يجوز أن يتهاون بها المسلم، فلا يتهاون بمقدمات هذه الذنوب وما أشبهها، ولذلك ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:(إياكم ومحقرات الذنوب؛ فإنهن يجتمعن على الرجل فيهلكنه، ثم ضرب لهن النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً: كمثل قوم كثير نزلوا بأرض فلاة، فحضر جميع القوم، فجعل هذا يأتي بعود، وهذا يأتي ببعرة حتى جمعوا سواداً كثيراً، فأججوا فيه ناراً فأنضجوا خبزتهم)، المثل واضح، وهو أنه لو كان هناك جماعة مسافرون، وليس معهم حطب يوقدون به، ليصلحوا طعامهم، والأرض ليس فيها حطب ظاهر، ولكنهم قوم كثير فتفرقوا في الأرض فوجد هذا بعرة، ووجد هذا عوداً ووجد هذا عوداً، فجمعوا هذه الأعواد وهذه البعرات ونحوها.
(حتى اجتمع سواداً) يعني: حطباً كثيراً، فكان ذلك سبباً في أنهم أوقدوا فيه وأنضجوا طعامهم وأصلحوا ما يريدون إصلاحه، فكذلك هذه السيئات الصغيرة تأتي من هنا واحدة، وتأتي الثانية، وتأتي الثالثة، وتأتي الرابعة، حتى تجتمع على الإنسان فتهلكه، وهو متساهل بها ومتصاغر لها لا يظن أنها تبلغ مبلغاً.