الذي سمعته عن أول بدئه في التدريس وفي الإمامة: أنه كان تلميذاً لعمه عبد الله بن عبد اللطيف، وكان عبد الله هو الإمام والخطيب في هذا المسجد، الذي عرف بمسجد عبد الله، ثم عرف بعد ذلك بمسجد الشيخ محمد والذي لا يزال في وسط البلد، وكان صغيراً ثم وسع، وكان إمامه الشيخ عبد الله رحمه الله، ولما مرض استناب ابن أخيه الذي هو محمد بن إبراهيم بعد ما كف بصره، ولما توفي الشيخ عبد الله؛ ترك الشيخ محمد الإمامة، فقيل: لا تتركها؟ فقال: إن الذي أنابني قد مات، ولا ألي شيئاً لست أهلاً له، ولم أكن نائباً عن صاحبه، قال ذلك من باب الورع، كأنه يقول: عمي هو الذي وكلني، وحيث إني كنت وكيلاً عنه في هذه الإمامة، وحيث إنه قد توفي فأنا لا أقوم بهذه الإمامة؛ لأن الذي وكلني قد مات، وكان ذلك في سنة تسعٍ وثلاثين، ولما سمع بذلك الملك عبد العزيز استشار من الأولى بإمامة هذا المسجد؟! فعند ذلك قالوا: لا نعلم أكفأ من محمد بن إبراهيم، فأمر بأن يكون هو الإمام، وتولى إمامة هذا المسجد لمدة خمسين سنة، أي: من تسعٍ وثلاثين إلى أن مات سنة تسعٍ وثمانين وثلاثمائة وألف للهجرة؛ كان هو لإمام لهذا المسجد، إلا أنه كان لا يخطب به، فقد كان يخطب في الجامع الكبير، ويوكل أحدَ إخوته للخطبة بمسجده.
وأما جلوسه للتعليم فأنا ما أدركت أول ذلك، ولكن أدركت تلاميذه الذين أخبروني بجلوسه، فكان جلوسه رحمه الله للطلاب من حين تولى هذه الإمامة -أي: من سنة تسعٍ وثلاثين- بعد موت عمه، حيث جلس للتدريس مع أن هناك من هم أكبر منه سناً، بل منهم في درجة مشايخه الكبار كالشيخ: سعد بن عتيق، والشيخ: سليمان بن سحمان، والشيخ: حمد بن فارس، وكذلك عمه الشيخ محمد بن عبد اللطيف الذي عُمِّر إلى أن مات سنة ثمان وستين، فرفع الله مكانة الشيخ محمد بن إبراهيم فتولى هذا التدريس.