وهناك ما يسمى بالحوالات، وهي أيضاً يقع فيها شيء من الربا، فالشخص -مثلاً- إذا أراد أن يحول خمسة آلاف ريال إلى مصر، معلوم أن العملة هناك تسمى الجنيه المصري، في هذه الحال بعضهم يعطي البنك خمسة آلاف ريال، ويقول: حولها لي جنيهات أستلمها منك في مصر، وهذا خطأ؛ لأن الصرف -بيع نقد بنقد- يشترط فيه التقابض، الجنيهات المصرية تكون نقداً والريالات السعودية تكون نقداً، والنقد بالنقد لا بد فيه من التقابض، فإذا كنت مضطراً إلى الحوالة فإنك تودع عندهم خمسة آلاف ويعطونك بها صكاً أن عندنا لك خمسة آلاف ريال سعودي، فإذا أتيت إلى فرع البنك في مصر تطالبهم بها، فإذا قالوا: لا يوجد عندنا نقد سعودي، فاتفق معهم على صرفها بسعر يومها، فيكون هذا صرفاً بعين وذمة.
وهكذا يجوز -ولأنه الأقرب- أن تصرفها بجنيهات مصرية، وتستلم بالجنيهات المصرية، فإذا استلمتها جنيهات رددتها عليهم، وقلت لهم: حولوها لي إلى مصر، فإذا قالوا: لا بد أن نأخذ عليك أجرة التحويل فلا بأس في ذلك، فإذا صرفوها -مثلاً- بستة آلاف جنيه مصري، أخذوا على كل ألف -مثلاً- عشرة وأعطوك الباقي، يعني: أخذوا منها خمسين جنيهاً أجرة نقلهم، فمثل هذا جائز، فالحوالة تجوز في هاتين الحالتين: إما أن تعطيهم النقود السعودية وتطالب هناك بصرفها وبما تساويه، وإما أن تصرفها جنيهات ثم تردها عليهم، وتطلب منهم تحويلها أو إرسالها إلى بلادك التي تريد.
أما واقع البنوك في هذه الأزمنة فإنه خاطئ، كثير منهم يقولون: ما عندنا دولارات -إذا طلبت منهم- الآن، ما عندنا إلا ريالات، ولكن نصرفها الآن بدولارات أو بجنيهات مصرية أو بليرات سورية أو بريالات قطرية أو بدنانير كويتية، ونحولها الآن مباشرة، وهم ما سلموك شيئاً، فأنا أرى أن هذا صرف من غير تقابض، والصرف لا بد أن يكون يداً بيد، وذكرنا دليله في قصة عمر مع أبي طلحة حين قال له:(لا تفارقه حتى تسلم له أو تعطيه نقوده)، وكذلك كلام ابن عمر لما تصارفوا بعين وذمة فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(لا بأس، ما لم تفترقا وبينكما شيء).