هذا سائلٌ يقول: سمعت من فم الشيخ حسن بن عبد اللطيف المانع رحمه الله أنه قرأ كتاب التوحيد ثلاث عشرة مرة على الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ وسمعت أيضاً من أحد أبناء الشيخ محمد بن قاسم رحمه الله أن والده قرأ كتاب التوحيد والعقيدة الواسطية على الشيخ محمد بن إبراهيم أكثر من أربع عشرة مرة، ونحن نرى طلاب العلم في هذا الوقت لا يقرءون كتاب التوحيد، ولا كتب العقيدة، إلا مرة أو مرتين، وقد يستثقلون ذلك، فما توجيهكم حفظكم الله؟
الجواب
كان الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله موغلاً في كتب العقيدة والتوحيد، وكان قد تلقى الوصايا بها عن أبيه وأعمامه وأقاربه الذين يوصون بكتب العقيدة، فلا يستغرب مثل هذا.
وسبب التكرار: أنه يقرؤه أحدهم حتى يكمله، ثم يأتي تلميذٌ آخر فيطلب قراءته، فيحضرون معه ويقرءون فيكمله مثلاً: في سنة أو أقل من سنة، ثم يأتي تلميذٌ ثالثٌ وهكذا، وربما يقرأ الواحد أو يسمعه ويحفظه مراراً، وقد كنت أحضر عند تلاميذٍ في المسجد نفسه وأغلبهم من المكفوفين، وكان يقرأ عليهم واحدٌ منهم قد توفي، ويرأسهم كبيرٌ لهم يقال له: علي، وهو أيضاً: كفيف، فكانوا إذا قرءوا جملة، أخذوا يستفصلون، ويقولون: احفظوا هذه الجملة، فإن الشيخ سوف يسألنا عنها احفظوا هذه الكلمة، فإنه قد سألنا مرة عن قوله:(مالت بهن لا إله إلا الله)، ما معنى مالت؟! وإنه سألنا مرةً عن قوله:(انفذْ على رسلك) ما معنى انفذ؟ وما معنى رسلك؟ فيكررون مثل هذه الكلمات حتى يحفظوها، وكذلك يحفظون جمل التعاريف، فيقولون: ما تعريف النذر؟ وما تعريف النذر الشركي؟ مما يدل على أنه كان يلقنهم ويشرح لهم، ثم بعد ذلك يناقشهم، ويسألهم مرةً بعد مرة؛ ولأجل ذلك تفقهوا به كثيراً، ومنهم الشيخ حسن بن مانع رحمه الله، وقد سألناه فقال: إني أتيت إلى الشيخ، وطلبت أن أقرأ عليه فقال: يا بني! لا تقرأ علي حتى تحفظ القرآن، فقلت: أبشرك بأني حفظت القرآن -وهو كفيف- فقال: لا تقرأ حتى تحفظ الثلاثة الأصول، فقال: إني أحفظها، فقال: لا تقرأ حتى تحفظ كتاب التوحيد، فقال: إني قد حفظته، وأخذ يعدد عليه محفوظاته.