كذلك أيضاً ننبه إلى ما ورد أنه صلى الله عليه وسلم حث على وفاء الدين على الميت، وأخبر بأن الميت معلق بدينه حتى يقضى عنه، حتى أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أُتي بجنازة ليصلي عليها سأل: هل عليه دين؟ فإذا كان عليه دين سأل: هل خلف له وفاء؟ فإذا لم يخلف وفاء لم يصل عليه إلا أن يتحمل دينه أحد الحاضرين.
والقصة مشهورة، فإنه لما جيء بميت ليصلي عليه قال لرجل: هل عليه دين؟ قالوا: ديناران، فتأخر في الصلاة، قال أبو قتادة: هما علي يا رسول الله! فقال: حق الدين، وبرأت ذمت الميت؟ قال: نعم، ولما كان بعد يومين سأل: هل أوفيت دينه؟ فلما قال: نعم، قال: الآن بردت عليه جلدته.
فيتأكد على من توفي وعليه دين أن يبادر ورثته للوفاء عنه حتى تبرأ ذمته، وثبت أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم سأله رجل:(إذا قتلت في سبيل الله أتكفر عني خطاياي؟ فقال: نعم، ثم قال: إلا الدين)، يعني: أن القتل في سبيل الله لا يكفر الدين؛ وذلك لأن الدين حق آدمي، وحقوق الآدميين مبنية على المشاحاة والمقايضة، فكل ذلك يؤكد على أن يبتعد الإنسان عن الاستدانة إلا لضرورة، مع عزمه على الوفاء إذا تيسر ذلك له.