للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أقسام علوم السلف]

ونقول: علم السلف يتكون من علم النصوص، وهوحفظ الآيات وحفظ الأحاديث، ويتكون أيضاً من فهمها وشرحها وبيان معانيها ومدلولاتها، ويتكون من العمل بها وتطبيقها، ويتكون من إظهارها وإعلانها والعمل بها، فهذه أربعة أمور: أولاً: الحفظ، والثاني: الفهم، والثالث: التطبيق، والرابع: البيان، هذه هي مراجع علومهم.

وتنقسم علومهم إلى أقسام: علم الآيات ومعانيها وما يتعلق بها، ويسمى التشريع.

وعلم الأحاديث وتفريعها وتقسيمها وتوزيعها إلى مواضيع وما أشبه ذلك، وكذلك ما يتعلق بها دراية من معرفة صحيحها وسقيمها ومقبولها ومردودها، وتجريح الرواة وما يتصل بذلك، ويسمى هذا علم السنة.

وكذلك جاء قسم ثالث وهو: علم التفقه فيها والتعقل، ويسمى علم الفقه.

وكذلك قسم رابع هو: علم الاعتقاد وهو أهم.

فقسموها إلى علوم أصولية وعلوم فروعية.

فالأصولية التي تتعلق بالعقيدة، وقد أوضحوها وبينوها أحسن بيان، والتي تتعلق بالفروع أوضحوها كذلك، ولما علموا أن هناك ما يكفر به أفردوا ذلك بالتأليف، فكتبوا مؤلفات كثيرة فيما يتعلق بعلم العقيدة وبعلم السنة، وذلك أنهم رأوا أو شاهدوا بعض المبتدعين الذين يخاف أن يفسدوا في الأرض، فردوا عليهم بدعهم وكتبوا ما يناقض تلك الشبهات التي يشبهون بها على ضعفاء البصائر.

وقد حفظ الله تعالى لنا تلك المعتقدات التي كتبها لنا علماء سلف الأمة، فمثلاً توجد مؤلفات ألفت في العقيدة في القرن الثاني، وأكثر منها في القرن الثالث موجودة ميسرة، إذا اقتناها العالم وأراد قراءتها والتقيد بها، عرف أن السلف رحمهم الله كانوا على عقيدة راسخة، وكانوا على علم غزير، وكان منبع علمهم وأصله هو الكتاب السنة.

أما الفروع التي كتبوا فيها والتي تناقلوها فهي أيضاً كثيرة؛ وذلك لأنهم احتاجوا إلى أن تحفظ على الأمة سنة نبيهم وعلمهم الموروث عنه، فكتبوا في ذلك مؤلفاتهم التي في الفروع، وضمنوها أحاديث ثابتة عن نبيهم عليه الصلاة والسلام، رووها بالأسانيد المتصلة، وضمنوها آثاراً عن الصحابة وآثاراً عن التابعين تبين ما يقولونه وما يذهبون إليه، وكل ذلك لأجل أن يحفظ ذلك العلم ولا يضيع منه شيء.

وذلك لأن الله سبحانه تكفل بحفظ هذه الشريعة، فقيض علماء السلف الذين حفظوها بالأسانيد وحفظوها في صدورهم، ثم لما أنهم خافوا أن يضيع منها شيء بسبب النسيان الذي يطرأ على الحفظ، سارعوا في تدوينها وكتابتها، فألف خلق كثير في القرن الثاني فيما يتعلق بالفروع، كالإمام مالك وأبي حنيفة، فإنه كتب عنه علم جمّ فيما يتعلق بالفروع، وكذلك صاحباه أبو يوسف ومحمد بن الحسن، وكذا أهل ذلك الزمان كـ ابن جرير وعبد الرزاق بن همام ومعمر بن راشد ونحوهم من علماء ذلك القرن.

ثم جاء بعدهم تلاميذهم، فألفوا في ذلك مؤلفات كثيرة كأهل كالصحيحين والسنن وغيرها مما كتب في القرن الثاني والقرن الثالث، أي: في القرون المفضلة، وجاء في القرون التي بعدهم من ألف في ذلك ونفع الله تعالى بعلومهم، ولكن العلم السلفي هو العلم الصحيح، وهو أقرب إلى الثبوت وأقرب إلى الصحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>