وفي أول القرن الثاني خرجت بدعة الجهمية، وهم الذين أنكروا أن يكون الله تعالى متكلماً وأنكروا أن يكون القرآن كلام الله، وأنكر أن يكون الله يحب من يشاء من خلقه، وأن يكون الله كلم موسى أو اتخذ إبراهيم خليلاً، ولما أظهر ذلك الجعد قتل في عهد السلف، قتله أمير العراق خالد بن عبد الله القسري يوم العيد وجعله بمنزلة الأضحية حيث قال:(أيها الناس؛ ضحوا تقبل الله ضحاياكم، فإني مضح بـ الجعد بن درهم، إنه زعم أن الله لم يكلم موسى تكليماً ولم يتخذ إبراهيم خليلاً، تعالى الله عما يقول الجعد)، ثم نزل وذبحه، كما روى ذلك البخاري في أول كتابه (خلق أفعال العباد).
ولما ظهر الجهم أنكر عليه السلف، وهو الذي نسبت إليه هذه البدعة، أعني بدعة إنكار الصفات، وهو الذي نشرها وتلقاها عن الجعد بن درهم، ولكن كان السلف رحمهم الله على جانب من العلم وعلى جانب من الإيمان، فلأجل ذلك ردوا عليه وأنكروا بدعته وشنعوا على الجهمية الذين هم أتباعه، فلم يكن في عهد السلف بدع متمكنة.