نرجو أن تتفضلوا بدقائق بذكر واجب المسلم نحو إخوانه الذي يكون هو كفيلاً لهم من سائقين وعمال؟
الجواب
كل مسلم عليه واجبات نحو إخوانه، لاسيما الذين تحت كفالته أو تحت مسئوليته، فالذين تحت مسئوليته مثل الأولاد ونحوهم، فهؤلاء مسئوليته عنهم كبيرة، وهم الذين استرعاه الله عليهم، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}[التحريم:٦]، وأما المسئولية الخاصة في الذين يقيمون تحت كفالتك فإن عليك العهدة، فأولئك إما جهلة بأصل الإسلام، أوجهلة بأصل العقيدة، فاغتنم جهلهم وأزله، وإما أنهم قد تعلموا ما هو ضد الإسلام، وما هو ضد العقيدة، وتسممت بذلك أفكارهم، وامتلأت أدمغتهم مما هو ضد الإسلام وضد المسلمين؛ فهؤلاء أيضاً عليك مسئولية تجاههم، وهي أن تحرص على إزالة تلك الشبه، وتخفيف تلك المعاصي التي ارتسمت في أفكارهم.
فالواجب أولاً: أن تدعوهم إلى العمل الصالح إذا كانوا مسلمين، فهؤلاء العمال أو الخدم الذين يخدمونك، سواء كانوا سائقين أو خدامين مطلقاً أو نحو ذلك، عليك أن تدعوهم إلى العمل الصالح، فإنهم قد نشئوا في بلاد أهلها مسلمون ولكن لا يطبقون تعاليم الإسلام، بحيث إنهم يعلمون أنهم مسلمون، وأن الصلوات الخمس مكتوبة، وأن الزكاة مفروضة، وكذلك الصوم والحج، وكذلك يعلمون تحريم المحرمات، ولكن لا يكون في بلادهم قيام بهذه الأمور كما ينبغي، فتجدهم يشتغلون في بلادهم في أوقات الصلاة، وتجدهم يأكلون في نهار رمضان، مع أنهم أيضاً قد يقعون في أمور شركية وعبادة لغير الله، وما أشبه ذلك، فلا شك أن هؤلاء إذا جاءوا فهم تحت مسئوليتك، فأنت مسئول عنهم، فعليك أن تبين لهم وتقول: ليس الإسلام مجرد التسمي، ومجرد أنه مكتوب في إقامتك أنك مسلم، لكن لا يكون إسلام إلا بإقامة الصلاة، فهذا وقت الصلاة، وهذه كيفيتها، وهذه أماكنها، فلابد أن تؤديها حتى تصدق في قولك: إنك مسلم، وإذا لم تفعل ذلك فإنك لست بمسلم ولو قلت ثم قلت، ولا ينفعك انتماؤك ولا مجرد تسميك، ولا ينفعك عمل آبائك ولا أسلافك الذين نشئوك على هذه النشأة الخبيثة، وهكذا تقول لهم في بقية الأركان.
كذلك أيضاً إذا رأيتهم يعملون أعمالاً تخالف تعاليم الإسلام فلابد -أيضاً- أن تحرضهم على تركها، فتبين لهم تحريم المحرمات، سواء كانت محرمات اعتقادية مثل كونهم يبغضون السلف أو يبغضون الصحابة كالرافضة أو يبغضون أئمة الدعوة الذين يسمونهم وهابيين أو نحو ذلك، ويسيئون الظن بهم، ويقولون: إنهم وإنهم، فتبين لهم أن هذه الأقوال التي يطعنون بها على أهل السنة خبث وكذب ولا حقيقة لها.
وكذلك تبين لهم إذا كانت عندهم شبهات، فقد يكون بعضهم يحمل شبهات كثيرة، ويدعي أن تلك الشبهات حقيقية، ولكنها ليست حقيقية، وإنما هي خيالية، فتبين له بطلانها، فبعضهم سمعوا أن أئمة الدعوة يبغضون الرسول، ويبغضون الأولياء، وأنهم ينهون عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وتحملوا ذلك، فإذا جاءوا إلى هذه البلاد أخذوا يستمعون، فهل سمعوا أحداً ينهى عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟ حاشا وكلا، وهل يرون أحداً يبغض الرسول ولا يقتدي به؟ حاشا وكلا، نحن ننهى عن الغلو الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن لا يدل ذلك على أننا نبغضه، هذا مما يجيء به الكثير من أولئك الذين يأتون من بلاد بعيدة تحمل فكرة سيئة عن هذه البلاد، وأنهم وهابية هذا من حيث الاعتقاد.
أما من حيث الأعمال التي هي معاص فهي كثيرة في بلادهم، مثل كونهم يشربون الخمور، أو كونهم يحلقون اللحى، أو كونهم يشربون الدخان أو مقدماته أو ما يلحق به، أو كونهم يتعاطون بعض المحرمات كالزنا أو اللواط أو مقدماته، أو كونهم اعتادوا أن نساءهم تتبرج وتختلط بالنساء، ولا يرون في ذلك بأساً أو ما أشبه ذلك، وهذا -أيضاً- ينبغي أن نعالجه مع هؤلاء، فنبين لهم أن هذا مما أنكره الشرع، وأن هذا محرم في ديننا، فإذا بيناه لهم، وبينا أنهم إذا كانوا مسلمين وجب عليهم القبول، فإذا فعلنا ذلك كان ذلك إن شاء الله مما يخرجنا من المسئولية.
أما إذا قال الكفيل: أنا لا حاجة لي بدينه، دينه له يفسد أو يصلح، أنا ما جئت به إلا لأستخدمه في دنياي، ليعمل عندي هذا العمل، ليقود السيارة، أو ليخدمني في بيتي، ولا علي منه، يصلي أو لا يصلي، يزني أو يسرق أو ما أشبه ذلك، أنا لست مسئولاً عنه!! فنقول: لا، لست بمعذور، بل أنت مسئول عنه، فإذا كنت لا تستطيع أن تقيمه على الشرع؛ فألغ عقده، ورده من حيث جاء، أو تأتي به لمن يقيمه على الشريعة ويبين له، فإذا كنت عاجزاً عن أن تقطع حجته فأت به إلى من يقطع حجته من الذين معهم علم ومعرفة.