تسأل بعض السائلات عن المحرم وتقول: هل يشترط فيه البلوغ أو التمييز، أفتونا مأجورين؟
الجواب
المشهور أنه يشترط أن يكون المحرم في السفر بالغاً عاقلاً، ولكن كان هذا في الوقت الذي يطول فيه السفر، وتكون فيه الخلوة، كانت المرأة قديماً تسافر وتقطع المسافات الطويلة كعشرة أيام أو عشرين يوماً بين البلدين، وفي تلك الحال لا شك أنها تتعرض لقطاع الطرق، وتتعرض لمخاطر، وتتعرض لفلوات ومفازات طويلة، فيخاف عليها أن تضل، ويخاف عليها أيضاً أن يعتدى عليها إذا كانت خالية.
ومع ذلك أجاز بعض العلماء إذا كان السفر قصيراً أن تسافر مع نسوة ثقات، وأجاز ذلك المالكية في الحج، مع أن السفر إلى الحج قد يستغرق أشهراً، وأغلبه في السفن، ولكن الجمهور على أنها إذا لم تجد محرماً في الحج فإنه يسقط عنها الحج.
ولكن في هذه الأزمنة قربت المسافات، وقلت الأخطار، وكثر الأصحاب والمرافقون، وصار المسافرون أقرب إلى الأمان؛ فتساهل كثير من العلماء بالفتوى في ذلك، وأجازوا لها أن تسافر مسيرة ساعات مع صبي صغير ولو في العاشرة أو دونها إذا كان معها نسوة ثقات ورفقة مأمونون، سواء في الطائرة أو في السيارة، أجازوا ذلك من باب التسهيل على المسلمين؛ لأنها قد لا يتيسر لها أن تجد من يذهب بها، مثلاً تكون مضطرة إلى أن تسافر بالطائرة داخل المملكة ومعها نسوة ثقات، وكان محرمها قد أتى بها إلى المطار، والمحرم الثاني يتلقاها في المطار الآخر بعد الاتصال به، فإن هذا يتسامح فيه إذا كان هناك حاجة ماسة، فإن لم يكن هناك حاجة، أو استطاع المحرم أن يذهب معها؛ لزمه الذهاب معها.
وأما السفر بالسيارات فإذا كانت المسافة ساعتين أو ثلاث ساعات أو نحوها، وكان معها نسوة ثقات، ومعها محرم لها دون البلوغ وفوق التمييز -أي: فوق السابعة-؛ فلعله أيضاً يكتفى بذلك؛ لقصر المسافة، ولأن الأحاديث التي وردت فيها ذكر اليوم كما في قوله:(لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر فوق ثلاث ليال إلا مع ذي محرم) والرواية الثانية: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يومين)، والرواية الثالثة:(مسيرة ليلة) فلما ذكر مسيرة يوم أو مسيرة ليلة أو يومين قدرت المسيرة باليوم، واكتفي في سفر نصف اليوم أو ثلث اليوم المحرم الذي دون البلوغ؛ لأن ذلك مما يتساهل فيه، مع الحرص على التحفظ.