أما النوع الثالث من الذين ذكروا في الحديث؛ فهو قوله:(والمرأة راعية في بيت زوجها، وهي مسئولة عن رعيتها): المرأة -بلا شك- مسئولة، وقد أخبر بأن مسئوليتها في بيت زوجها، فإما أن تكون مصلحة وإما أن تكون مفسدة، وإما أن تكون مهملة، أي: كما يحصل للرجال، فالرجال منهم مصلح ومنهم مفسد ومنهم مهمل، فكذلك النساء.
فالمصلحة هي التي تولي أولادها رعاية ومراقبة ونصيحة وتربية صالحة، وتوليهم عناية كبيرة، وإذا غفل عنهم الأب لم تغفل عنهم، بل تتابعهم وتتفقد أحوالهم، وتسألهم وتعلمهم، فإذا أيقظهم الأب للصلاة وخرج، تابعتهم أمهم إلى أن ينتبهوا للصلاة ويخرجوا إذا كانوا ذكوراً، وتتابع الإناث حتى تحبب إليهن العبادات كلها.
وهكذا تربيهم كما يربي الرجل أولاده، فتربيهم على الكلام الحسن، وتعاتبهم على الكلام السيئ، فمتى سمعت منهم سباً أو هجاءً أو قذفاً أو عيباً أو لعناً أو شتماً أو كلاماً قبيحاً؛ عاتبتهم على ذلك، وأدبتهم على محبة الكلام الطيب الذي هو ذكر الله وما والاه، والذي هو محبة الخير والتكلم به، فهذه هي المرأة الصالحة، الراعية في بيت زوجها، أي: على أهله.
كذلك تحفظ بيت زوجها، فلا تخرج منه إلا بإذن زوجها، أو لحاجة ضرورية، وإذا خرجت أو أذنت لأحد مولياتها من النساء، خرجن وهن محتشمات متسترات غير متبرجات بزينة، فهذا من أسباب صلاحها.
كذلك تحفظ زوجها في نفسها، وتحفظ زوجها في بيته، وتحفظه في ماله، فلا تفسد ماله ولا تنفقه في شيء لا أهمية له، أو في شيء يعتبر فساداً، بل تكون هي المراقبة له، وهي تشعر بأنها مسئولة أمام الله تعالى، حتى لو غفل عنها زوجها، ولم يلاحقها ويسألها، فإن الله تعالى هو الذي يسأل المفرط والمهمل.
أما المرأة التي تكون مفسدة فهي التي تكلف زوجها أو تطالبه مرة بعد مرة، أن يأتي بآلات اللهو حتى تمتلئ البيوت صحفاً ومجلات خليعة، وكتباً أو رسائل مفسدة، وحتى تمتلئ البيوت أشرطة غناء وآلات لهو وسهو وغير ذلك، فكثير من النساء متى خرجت إلى أولئك الذين أغرموا بأفلام الفساد أخذت تطلب من زوجها: أهل فلان عندهم وعندهم، ونحن نريد أن نكون مثلهم وأشباه ذلك، فهذه مفسدة أو ساعية في الفساد.
وأما المهملة: فهي التي لا يهمها أمر من ولاها الله تعالى من المسلمين الذين تحت ولايتها، بل وقتها إما أن تزور أهلها أو جيرانها، أو تبقى في بيتها لا يهمها صلاح أو فساد، فهذا دليل على أن المرأة -أيضاً- عليها مسئولية كما على الرجل.