وقد حفظ الإسلام حقوق المرأة في الأعمال الصالحة في الآخرة، فلما قالت عائشة:(يا رسول الله! لا أرى أن الله يذكر النساء! فأنزل الله آيات تتعلق بالنساء مع الرجال، مثل قول الله تعالى:{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى}[آل عمران:١٩٥]) فنص على الذكر والأنثى، وأن الله لا يضيع عمل عامل منهما.
ومثل قول الله تعالى:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ}[الأحزاب:٣٥] إلى آخر الآيات، حيث ذكر ثوابهم جميعاً بقوله:{أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}[الأحزاب:٣٥].
ولما تمنت إحدى النساء أن تكون مثل الرجال فيما يكتسبون وفيما يعملون من الأعمال؛ أنزل الله قوله تعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ}[النساء:٣٢] فلكل منهم نصيب مما اكتسب، ولا شك أنها تؤجر على نيتها، فإذا فاتها شيء من الأعمال التي يعملها الرجال، وهي تنوي أن تكون مثل الرجال في ذلك العمل؛ فلها نيتها، فإن الأعمال بالنيات.
وقد سأل بعض السلف: هل للحائض والنفساء حظ في ليلة القدر إذا لم تتمكن من الصلاة فيها لحيضها؟ فقال: نعم، لها حظ منها بقدر النية إذا وافقت ليلة القدر وهي لا تقدر أن تصلي ولا أن تقرأ لهذا العذر، ولكنها تنوي وتعزم على المشاركة في الأعمال الصالحة بنيتها، وبما تقدر عليه من الذكر ومن الدعاء ونحو ذلك، فيكون لها نصيب مثل غيرها من المغفرة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:(من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).
وبكل حال فالأحكام التي تتعلق بالمرأة ظاهرة ومشهورة، ونتوقف عند هذا، ونستقبل الأسئلة التي تختص بالنساء، والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.