وإذا نظرنا في هذه العقيدة فسنجدها وسطاً لا إفراط فيها ولا تفريط، فهي وسط بين العقائد الكثيرة، يقول شيخ الإسلام رحمه الله: إن أهل السنة وسط في فرق هذه الأمة، كما أن الأمة وسط بين الأمم، فهم وسط في باب القضاء والقدر بين المجبرة وبين القدرية، وذلك لأن هناك فرقتين زائغتين في باب القدر: إحداهما قد غلت وأفرطت وزادت، وإحداهما قد فرطت وجفت.
ففرقة تقول: إن الإنسان هو الذي يخلق أفعاله، وليس لله قدرة على هداية ولا إضلال؛ فهؤلاء قد أشركوا.
وفرقة جعلت العبد مجبوراً وليس له اختيار أبداً، وعرفته بذلك، فجاء أهل السنة فتوسطوا وجعلوا له اختياراً، ولكن اختياره مربوط بمشيئة الله؛ {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}[الإنسان:٣٠]، فهذا توسطهم في باب القدر.