وقد سمعت أن بعضاً منهم يقول: إن اتخاذ المحاريب في المساجد بدعة لا أصل له، فأنكروا ما جاء في السنة بل ما جاء في القرآن كقول الله تعالى:{فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ}[آل عمران:٣٩]، ولا شك أن المحراب هو مقدم المسجد، وأن المساجد لا تعرف ولا تميز إلا بهذه المحاريب التي تكون علامة لها، فكيف تكون بدعة؟! ثم إنها من البنايات التي توارثها المسلمون: متأخرهم عن متقدمهم من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى عهدنا.
وكذلك كون بعضهم ينكر ارتفاع المنابر! مع أنه عليه الصلاة والسلام اتخذ منبراً له، وكان ارتفاعه نحو ثلاث درجات وكان مناسباً في وقته، واتخذ الصحابة بعده منابر أرفع من ذلك ولم ينكر ذلك عليهم، وجعلوا ذلك من قبيل المباحات التي تستعمل بقدر الحاجة؛ لأنهم تأكدوا أن المصلين يحتاجون إلى ذلك، حيث لم يكن هناك مكبر، فاحتيج إلى أن يرتفع الإمام حتى يبلغ صوته البعيد منهم، فكيف يجعل ذلك من البدع أو من المنكرات؟!