كذلك من الأسباب: أن يلحقه المدارس الإسلامية، فيحرص على أن يتربى على دراسة دينية إسلامية، كأن يلحقه بالمدارس الحكومية أو نحوها، وهناك مدارس مأمونةٌ، والمشرفون عليها من أهل الصلاح والاستقامة والإخلاص، فيختار لأولاده -ذكوراً وإناثاً- المدارس الخيرية: التي أهلها -من ذكورٍ وإناثٍ- المشرفون عليها والمربون من الذين يوثق بدينهم، ويشعرون أنهم مؤتمنون على أولاد المسلمين، فينصحون لهم؛ وذلك لأن هناك كثيراً من المدرسين والمربين -ذكوراً وإناثاً- يعرفون هذه المسئولية، فيشعرون بأنهم مؤتمنون على أولاد المسلمين، فيحرصون على أن يعلموهم الدين الصحيح، والحلال والحرام، والثواب والعقاب، والوعد والوعيد، وما يجب لهم وما يجب عليهم، فيؤدون ذلك بأمانة وإخلاص، وهؤلاء -والحمد لله- موجودون بكثرةٍ في هذه البلاد -في القرى وفي المدن- فيختار الوالد لأولاده من يكون صالحاً مصلحاً، ناصحاً مخلصاً، وإذا تيسر يلحق أولاده -ذكوراً وإناثاً- بالمدارس الخيرية التي تدرس فيها في المساء دروس دينيةٌ، مثل: حفظ القرآن، وحفظ بعض المسائل من السنة، وما إلى ذلك وهي الحمد لله متوافرةٌ في هذه البلاد في أنحاء المملكة، وقد نفع الله تعالى بها، وانتفع بها خلقٌ كثير، وحصل بها استقامة الكثير من الذين هداهم الله تعالى ووفقهم، وقد وفق الله كثيراً من الآباء حين ضموا أولادهم إلى هذه المدارس الخيرية سواءً كانت في المساجد -بالنسبة إلى الذكور- أو في المدارس -بالنسبة إلى الإناث- فانضم إلى هذه المدارس أولادٌ كثيرون يدرسون فيها، فبعضهم سنه في الخامسة من عمره ولم يتم الخامسة، وبعضهم سنه فوق العشرين إلى الثلاثين، فالصغار يملك آباؤهم غالباً إلزامهم بذلك، والكبار يدفعهم الدين والرغبة، وتدفعهم المحبة إلى أن ينضموا إلى تلك المدارس، يتحفظون كلام الله تعالى وكتابه، ويقرءونه، ويحرصون على أن يحفظوه، أو يحفظوا ما تيسر لهم منه، والمشرفون على تدريسهم من الثقات المأمونين، وكثيرٌ منهم متطوعون في عملهم، أجرهم على الله تعالى، وبعضهم له أجرةٌ يسيرةٌ أخذها لحاجته وفاقته، وبعض المحسنين الذين تبرعوا بهذه المدارس الخيرية قاموا بما يضمنها ويضمن استمرارها.
فنقول: إن تربية الأولاد على كتاب الله وسنة رسوله فيها خيرٌ كثير، فالأولاد إذا ألفوا المساجد صاروا يترددون إليها يومياً، صباحاً ومساءً، فإذا كانوا في الإجازات صاروا يدرسون صباحاً ومساءً، وإذا كانوا في زمن الدراسة صاروا يدرسون آخر النهار وأول الليل، فألفوا المساجد وأحبوها، وعرفوا أنها أماكن الطاعة والعبادة، فكان ذلك سبباً في محافظتهم ومواظبتهم على هذه العبادات التي تؤدى في هذه المساجد، وإذا حافظوا على الصلاة حفظوا دينهم؛ لقول الله تعالى:{إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}[العنكبوت:٤٥]، وإذا حفظوا كلام الله تعالى أو ما تيسر منه حفظهم الله تعالى، وحافظوا على ما يكون سبباً في صلاحهم واستقامتهم.
فنقول: إنك -أيها المسلم- مسئولٌ عن تربية أولادك على الإسلام والقرآن، وإن أحسن ما تربيهم عليه: تعليم كتاب الله تعالى، فإذا انضموا إلى هذه المدارس حصلوا على خيرٍ كثير، وعليك بعد ذلك أن تتابعهم، وتتفقد أحوالهم، وتتأكد من موافقتهم على هذه الدراسة، وتتابع ما حفظوه، وما أشبه ذلك حتى تعلم محبتهم لهذه المدارس، وإقبالهم عليها، فهذا من أسباب التربية الصالحة والاستقامة على القرآن.