نقول: إن السلف رحمهم الله لما حصلوا على هذا العلم الموروث، كان من آثار ذلك أن عملوا به في باب الاعتقاد وفي باب العمل، وكذلك حصل أن ردوا على المبتدعة فيما جاءوا به من شبهات، وأنكروا تلك البدع التي حدثت في زمانهم حتى بقي أهلها لا يؤبه لهم، ولم تتمكن بدعهم إلا في قرون متأخرة.
وقد ذكر علماء الأمة كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن عقيدة السلف وعقيدة أتباعهم، هي ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم، وما بلغه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أخذ عن الوحيين الكتاب والسنة، وأن هذا هو الواجب اعتقاده، وأنه هو الهدى الذي بعث الله تعالى به رسوله في قول الله تعالى:{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}[التوبة:٣٣].
ولا شك أن من اتبعه فإنه على هدى، ومن تركه وحاد فإنه على ضلال، ولا شك أيضاً أنه الصراط السوي الذي أمرنا الله تعالى باتباعه في قوله تعالى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[الأنعام:١٥٣]، فذكر أن من سار عليه فإنه بمنزلة من يسير على الصراط المستقيم، وثبت أنه صلى الله عليه وسلم وضح معنى هذه الآية (فخط خطاً مستقيماً وقال: هذا صراط الله.
وخط خطوطاً عن يمينه وعن يساره، وقال: هذه سبل، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه)، يعني أن من سار على هذا السبيل السوي فإنه يؤدي به إلى النجاة، ومن انحرف عنه إلى بنيات الطريق فإنه يؤدي به إلى الهلاك، والصراط وصف بالاستقامة لأنه ليس فيه اعوجاج ولا انحراف، وإنما هو سبيل الله الذي من سار عليه فلا خوف عليه، ثم هو واضح المعالم لا يخفى على أي إنسان.