وهناك مسألة أخرى تسمى: مسألة التورق، وقد منعها بعض العلماء، ولكن كثير من العلماء أباحوها للضرورة، وصورتها: أن يشتري السلعة وليس له غرض فيها، وإنما يريد بيعها والانتفاع بثمنها، وهذا يحمل كثيراً من الناس على أن تتراكم عليهم الديون، والتورق: هو أخذ الورق -الذي هو الدراهم- إذا باع السلعة، فيحتاج مثلاً إلى مائة ألف، فيشتري سيارة بمائة وخمسين ألفاً، ويبيعها بمائة ألف حتى ينتفع بهذه المائة، فالذين أباحوها أرشدوا إلى إرشادات لتكون أخف على المستدين فقالوا: إذا كنت محتاجاً إلى هذه المائة الألف، فعليك أن تشتري السلعة التي أنت بحاجتها ومضطراً إليها؛ حتى لا تبيع هذه السلعة، فمثلاً: إذا كنت تعمر داراً، واحتجت إلى ما تعمر به، ففي إمكانك أن تستدين مواد البناء، كالأسمنت، والحديد، والبلاط، وأدوات الكهرباء، ومواسير المياه، وما أشبه ذلك، فاشتريها بدين حتى لا تستدين مرتين، لكن بعض الناس يذهب ليشتري -مثلاً- أكياساً، ويبيعها في محلها، فيخسر! فيبيعها مثلاً نقداً: بخمسين ألفاً، وقد اشتراها بسبعين ألفاً، فيخسر من الجهتين من جهة شرائه بثمن عالٍ، ثم بيعه بأرخص وشرائه لمواد البناء، ومن هنا كان علينا أن ننصح إخواننا حتى لا يتضرروا مرتين، وبعض العلماء يقول: من الرفق بهذا المستدين أو من الأفضل له أن يشتري سلعاً بسعر الجملة، ثم يبيعها مفرقة ليربح فيها، بدلاً من أن يزاد عليه فيها مقابل الأجل، ولكن يعتذرون لهؤلاء بأنهم لا يحسنون بيع التفريق، وبأنهم مستعجلون كما يقولون، فنقول لأحدهم مثلاً: لو اشتريت ثياباً أو اشتريت عمائم بخمسين ألفاً، وقيمتها أربعون ألفاً، بعها مفرقة، فربما تبيعها بستين ألفاً إذا بعتها مفرقة، كما يبيع أهل المتاجر والدكاكين، فيكون ذلك أرفق بك حتى لا تخسر، وقد كتبت عليك بخمسين ألفاً وقيمتها نقداً أربعون ألفاً، فإذا بعت كما يبيع الناس، وربحت فيها وحصلت على فائدة، فإنك توفي ما عليك وتتاجر ببقيتها، هذا ما نقوله في مسألة التورق، فإذا كان محتاجاً ولم يجد إلا مسألة التورق -أن يشتري مثلاً سلعة ويبيعها؛ لأجل أن يوفي بها دينه مثلاً، أو يعطي مثلاً عمالاً يعملون عنده أو ما أشبه ذلك- فعليه أن يسلك الطريق الأرفق، ولا يكلف نفسه.