للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم قص المرأة لشعر رأسها وصبغه بألوان متعددة]

السؤال

ما حكم قص الشعر بالنسبة للمرأة، وما حد ذلك؟ وما حكم صبغ المرأة للشعر بألوان متعددة لتغيير صورته؟

الجواب

لا يجوز قص الشعر للمرأة؛ وذلك لأن من تمام زينتها توفير شعرها، ولم يزل الأمهات والجدات وكذلك المسلمات في كل زمان حتى قبل الإسلام يمتدحن ويمدحن بطول الشعر وبتربية شعر الرأس، وذلك زينة لها وجمال، وورد نهي النساء عن حلق الشعر حتى في النسك الذي هو من جملة العبادات، فحلق الشعر عند التحلل من الإحرام عبادة من العبادات، ولكن منعت منه المرأة؛ لأنها مأمورة بإبقاء شعرها، وأمرت بأن تأخذ من كل ضفيرة قدر أنملة، وهذا دليل على أنها تجمع رأسها، وتوفر شعرها، ولا تأخذ منه شيئاً، وإنما عند التحلل تقص من كل قرن قدر أنملة، أي: رأس الإصبع، وشعرها يبقى حتى بعد موتها، ففي حديث أم عطية لما غسلت زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (فضفرنا شعرها ثلاثة قرون، وألقيناه خلفها).

وهذا دليل على أنهن كن يربين الشعر، وأنه يجعل ضفائر أي: قرون، كل ضفيرة تفتل وحدها وتلقيها، وقد يكون للمرأة عدة ضفائر، خمس ضفائر يعني: خمسة قرون أو أكثر أو أقل، ولا شك أن ذلك دليل على افتخار المرأة بهذا الشعر وبقائه، وأنه من كمال زينتها.

لكن يرخص لها في ذلك إذا بلغت المشيب وأيست من النكاح، فقد ثبت أن أمهات المؤمنين بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم لما أيسن من النكاح كن يأخذن من شعورهن حتى يكون كالجمة، أي: أنها تقص من شعرها؛ لأنها أيست من أن تتجمل للأزواج، فتتركه إلى أن يكون كالجمة، يعني: إلى أن يصل إلى المنكب أو نحو ذلك.

أما من هي في ذمة زوج أو ترجو النكاح فلا يجوز لها أن تقص منه، بل تتركه على حالته، ولو زين قصه لكثير من الأزواج الذين قلدوا الغرب واستحسنوا ما هو مستقبح، فكثير من الأزواج يظن أن جمال المرأة في أن تقص ناصيتها، أو أن تقص من جوانب رأسها أو ما أشبه ذلك، ولا شك أن هذا مخالف للجمال الفطري الصحيح، فلا يجوز أن يركن إليه.

وأما صبغ الشعر فيجوز إذا كان الشعر أبيض فيصبغ بالحناء، فيجوز لها إذا كان قد شاب شعرها وانقلب أبيض أن تحمره بالحناء فقط، وأما الأصباغ الكثيرة التي تقلب الشعر الأسود فتجعله أحمر أو أزرق أو أخضر أو ملوناً فهذا لا يجوز؛ وذلك لأنه تغيير لخلق الله، والله تعالى قد ذم الذين يفعلون ذلك، وذكر أنه من عمل الشيطان، وذلك في قوله عن الشيطان: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء:١١٩]، وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله المتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات لخلق الله).

<<  <  ج: ص:  >  >>