للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التزام الشيخ بما في كتب الفقه وعدم المخالفة لها إلا نادراً

لم يكن الشيخ يخالف ما في كتاب الفقه إلا قليلاً، لا يخالفه فعلياً ولا قولياً إلا نادراً، فمرة كان يتكلم في الكلام على نية الصلاة، وأنها من شروط الصلاة، فصاحب الروض -كأصحاب المذهب- تأثروا بكتب الشافعية، فقال صاحب الروض: ويستحب التلفظ بها سراً، فأنكر الشيخ هذه الجملة، وقال: لا يستحب؛ وذلك لأنكم كما تعرفون في ثلاثة الأصول، وما ذكر في آخرها من شروط الصلاة؛ أنه ذكر النية وقال: (ومحلها القلب، والتلفظ بها بدعة)، فقال: إن التلفظ بالنية سراً أو جهراً كله بدعةٌ منكرة، ولا دليلُ على ذلك، وأخذ يبين أنه لا دليلَ على أن التلفظ بها مشروع.

ومما ذكره الفقهاء: أنه لا يجوز استقبال النار ولو سراجاً، يقولون: ولا يجوز استقبال نارٍ ولو سراجاً، وبعد أن جاءت هذه الإنارة الكهربائية قال: لا تجعلوها أمام المصلي -أي: لا يستقبل المصلون نوراً كهربائياً- قالوا: كيف نفعل؟ قال: اجعلوها على رءوسهم على السواري، وكان في المسجد ستة صفوف من السواري، فكانوا يجعلون على رأس السارية واحدة من اللمبات، حتى لا يستقبلونها، وكانوا أحياناً يصلون في الرحبة التي في شرق المسجد، والتي توصف بالخلوة، وكانت هناك لمبةٌ يقرءون عليها قبل الصلاة -في وقت العشاء- وكذلك إذا كان هناك درسٌ، فإنهم يقرءون عليها، وكانت ملصقةً بخشبةٍ قرب المحراب؛ فإذا أقيمت الصلاة كان يقول: أطفئوا هذه اللمبة، ولا تشوشوا على المصلين، وهذا من تشدده رحمه الله بالعمل بما نص عليه الفقهاء: من أنه لا يجوز استقبال نارٍ ولو سراجاً، ولما جاءت هذه الكهرباء التي عمت المساجد، توسع في ذلك المشايخ وبالأخص الشيخ: عبد العزيز بن باز رحمه الله فقالوا: إنه لا مانع من استقبالها وجعلها أمام المصلي.

ولما عمر المسجد الكبير في سنة سبعين، وركب فيه جهاز المكبر، أنكره بعض الناس الذين حوله، وقالوا: إن هذا بدعة؛ لأنه لم يكن معروفاً، وكيف نصلي ونحن لا نقتدي بصوت القارئ ولا بصوت الإمام؟ لا حاجة لنا في هذا، أما الشيخ فقد قبل ذلك، وقال: هذا فيه فائدة، وهو تكبير للصوت، وإرساله إلى مكان بعيد، ولكن لما كان هناك كثيرون لا يصلون فيه معه، قال لهم: لا تركبوا هذا المكبر في المسجد القديم، الذي هو مسجد آل الشيخ، واستمر المسجد ليس فيه مكبر إلى قبل وفاته بنحو أربع أو خمس سنين فيما أذكر، فركب فيه هذا المكبر، وكان قد اقتنع بأنه لا بأس به، وأنه جائز لما فيه من الفائدة: وهي تكبير الصوت، وإرسال الصوت إلى الأماكن البعيدة، وقد كانوا لا يسمعون المؤذن وهم بجوار البيوت، فاقتنعوا وقنعوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>