ونبدأ بمبادئ العبادة، وهي الطهارة، فإن الطهارة عبادة شرعية أمر الله تعالى بها، فيجب أن تؤدى كما أمر الله من غير إفراط ولا تفريط، ولكن هناك طائفتان متطرفتان في باب الطهارة إحداهما غلت والأخرى جفت، فالذين غلوا هم الذين زادوا في الطهارة ما ليس منها، وتشددوا فيها تشدداً زائداً حتى زهدوا فيما نقل لهم من أفعال النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته، وفي كيفية تطهره ووضوئه واغتساله، وما إلى ذلك، واعتقدوا أن ذلك لا يُطِّهر، فزادوا وغلوا.
وطائفة أخرى جفت فتراهم لا يتوضئون ولا يتطهرون كما أمر الله، ولا يسبغون الطهارة ولا يتمونها، وكلا الطائفتين منحرفتان، فالطائفة الذين غلوا ترى أحدهم يغسل وجهه خمساً أو عشراً، ويرى أنه ما طهر، ويغسل يديه مراراً قد تتجاوز العشر، وكذلك في الاغتسال ربما يغتسل نصف ساعة وربما ساعة، وربما ساعتين، كما حدثني بعهضم أنه يطيل في مزاولته الاغتسال ساعتين، وكذلك في الوضوء مدة طويلة، ولا شك أن هذا غلو، والإسلام قد أمر بالتوسط في ذلك كله فلا إفراط ولا تفريط.