ولا شك أن علوم السلف التي تلقوها عن نبيهم وتلقوها عن مشايخهم وأكابرهم، علوم جمة فيما يتعلق بالأمر والنهي من الله عز وجل، فتعلموا منه ما يقولونه بألسنتهم وما يعتقدونه في قلوبهم وهو أمور العقيدة، وتعلموا منه ما يتقربون به إلى الله عز وجل وهو أمور العبادة، وتعلموا منه ما يلزمهم في هذه الحياة من الأعمال وما يلزمهم تركه من المحرمات ونحو ذلك، كل ذلك تحملوه وبلغوه، فهذا من العلم.
ولا شك أن من اقتدى بهم في هذه العلوم ممن جاء بعدهم ولو بعدة قرون أنه يحشر في زمرتهم، وذلك أن اقتداءه بهم وإرثه لعلومهم وحرصه على الاقتداء بهم وتخصيصهم بالاقتداء؛ دليل على أنه يفضلهم وعلى أنه يحبهم ويقدرهم قدرهم، ولا شك أيضاً أنه سيتبعهم في الإيمان وسيتبعهم في العمل، فيكون من نتيجة ذلك أن يعمل كأعمالهم، ثم هو يوم القيامة يحشر في زمرتهم فإن:(من أحب قوماً حشر معهم)، كما ورد بذلك الحديث.
نحن نحث على علم السلف ونقول: إن واجبنا أن نتعلم العلم الصحيح الذي ورثه السلف عن نبيهم صلى الله عليه وسلم، ونقدمه على العلوم الأخرى التي تزاحمه، والتي متى اشتغلنا بها فاتنا من العلم الخير الكثير، وفاتتنا المسابقات التي تقرب إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة، وإذا اشتغلنا به قطعنا السير ووصلنا إلى الله تعالى ونحن على طريق مستقيم، وسرنا سيراً سوياً ليس فيه انحراف ولا اعوجاج، وإذا اقتدينا بمن بعدهم وأخذنا الطرق المنحرفة، خيف علينا أن نقع في المهالك، وخيف علينا أن نبتدع في دين الله ما لم يأذن به الله.