= ولا يقدر على التراب يتيمم عليه وكيف يصنع؟. قال: يضع يديه على الطين ويخفف ما استطاع ثم يتيمم. وسئل عن اللبد يتيمم عليه إذا كان الثلج ونحوه؟. فأنكر ذلك وقال: لا يتيمم عليه. قلت لابن القاسم: فإن تيمم إذا كان الثلج، وقد كره له أن يتيمم على لبد وما أشبه ذلك من النبات، قال: بلغني عن مالك أنه وسع له في أن يتيمم على الثلج. وقال علي بن زياد عن مالك أنه يتيمم على الثلج. قال: وسألت ابن القاسم عن الطين كيف يتيمم عليه في قول مالك؟. قال: إن لم يكن ماءًا يتيمم ويخفف يديه عليه. قال: لم أسأله عن الطين الخضخاض، ولكني أرى ما لم يكن ماءًا وهو طين. قال مالك: يضع يديه وضعًا خفيفًا ويتيمم.
وروى ابن وهب عن معاوية بن صالح قال سمعت يحيى بن سعيد قال: لا بأس بالصلاة على الصفا والسبخة، ولا بأس بالتيمم بهما إذا لم يجد ترابًا وهو بمنزلة التراب، وقال يحيى: ما حال بينك وبين الأرض فهو منها. ا. هـ. منه. بلفظه.
قلت: وقوله -صلى الله عليه وسلم- المتفق عليه:"وَجُعِلَتْ لِيَ الْأرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا". دليل واضح على أن الصعيد هو الأرض وما اتصل بها، ألا ترى إلى من وجبت عليه الصلاة على شاهق ولا ماء معه، أفترى الصلاة ساقطة عنه؟.
وأيضًا قوله -صلى الله عليه وسلم- لعمار بن ياسر في الصحيح:"إِنَّمَا يَكْفِيكَ أَنْ تَضْرِبَ بِيَديكَ الْأرْضَ فكَذَا". لم يخصص فيه بتربة ولا بغيرها، بل أطلق فيه لفظ الأرض، وهو دال على وجه البسيطة سهولها وجبالها وسباخها ومعادنها. وبالله التوفيق.
(٢) وقول المصنف: ولمريض حائط لبن وحجر، لم أدر من أين اشترط في جواز التيمم على الحائط للمريض، وقد روي أنه -صلى الله عليه وسلم- تيمم على حائط في سكة من السكك؛ فقد روى الأعرج عن ابن الصمة قال: مررت على النبي وهو يبول، فسلمت عليه فلم يرد علي السلام حتى قام إلى جدار فحته بعصا كانت معه، ثم وضع يده على الجدار فمسح وجهه وذراعيه ثم رد عليَّ. ا. هـ.
وقد ورد من حديث نافع عن ابن عمر ولم يذكر فيه [فحته بعصا كانت معه]. أنظر شرح السنة للبغوي. وعليه فإني لا أرى تقييد جواز التيمم بحائط اللبن والحجر بالمرض، لدليل السنة الصالحة الاحتجاج بها، وقد ذكر البغوي أن حديث ابن الصمة حسن. وبالله تعالى التوفيق.
وقوله: لا حصير وخشب، أي لا يصح التيمم على شيء من ذلك لأنه ليس من الصعيد.