خيار التروي تختلف مدته باختلاف المبيعات، فإن القصد ما تختبر فيه تلك السلعة؛ فالعبد يختبر عقله وخلقه وخدمته وبلادته ونشاطه، والجارية يختبر عقلها وخلقها وقوتها على الخدمة، وإحكامها لما تتناوله من الطبخ والخبز وما أشبه ذلك من الصنعة، والدار يختبر جيرانها وبناؤها ومكانها، وينظر إلى أساسها وحيطانها ومنافعها، والدواب يختبر خلقها وسيرها وقوتها من ضعفها ونشاطها من عجزها وأكلها، وحالها في وقوفها ووضع الإِكاف عليها وما أشبه ذلك، وأما الثياب والعروض فلا وجه للاختبار فيها وإنما الخيار فيها للمشورة خاصة، أو ليقيس على نفسه ما اشترى من ذلك للباسه، قال ابن رشد: فأمد الخيار إذًا إنما هو بقدر ما يحتاج إليه في الاختبار والارتياء مع مراعاة إسراع التغير إلى المبيع وإبطائه عنه، خلافًا للشافعي وأبي حنيفة في قولهما إنه لا يجوز الخيار في شيء فوق الثلاث، ا. هـ. منه.
وأصل مدة الخيار قوله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنِ اشْتَرَى مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاَثةَ أيَّامٍ". رواه مسلم. وأصل خيار الشرط حديث ابن عمر المتفق عليه أن رجلًا ذكر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه يخدع في البيع، فقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ". قال فكان الرجل إذا بايع يقول: لَا خِلَابة.
قال البغوي: والخلابة الخديعة. وهي مصدر خلبْتُ الرجل أخْلُبُه خَلْبًا وخِلابة، إذا خدعته. وهذا الرجل يقال فيه أنه حبان بن منقذ الأنصاري أو أبوه منقذ - بفتح القاف، وحبان بفتح الحاء.
قال البغوي: والحديث يدل على شرط الخيار في البيع. وذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا يجوز أكثر من ثلاثة أيام، فإن شرط أكثر منها فسد البيع. وهو قول الشافعي، وأبي حنيفة، لأن الخيار يمنع مقصود البيع، فكان القياس أنه لا يجوز، غير أنه جوز خيار الثلاث في حديث المصرّاة، فلا يجوز أن يزاد عليها إلا بخبر. =