= العموم، وخبر المصراة إنما جاء خاصًا في حكم بعينه، والخاص يقضي على العام، قال: ولو جاء الخبران معًا مقترنين في الذكر، لصح الترتيب فيهما، ولاستقام الكلام، ولم يتناقض عند تركيب أحدهما على الآخر، فكذلك إذا جاءا منفصلين غير مقترنين، لأن مصدرهما عن قول من تجب طاعته، ولا تجوز مخالفته.
قال: وقد أخذ كل واحد مز، أبي حنيفة ومالك بطرف من الحديث وترك الطرف الآخر، فأبو حنيفة يقول: لا خيار أكثر من ثلاث، ولم يقل برد الصاع، ومالك يقول برد الصاع، ولم يأخذ بالتوقف في خيار الثلاث، فكان أصح المذاهب قول من استعمل الحديث على وجهه، وقال بجملة ما فيه. يعني مذهبه مذهب الشافعي.
قلت: التحقيق إن شاء الله والفقه ما ذهب إليه شيخ الشافعي مالك رحمه الله؛ الذي يقول برد الصاع، والذي يقول في مدة الخيار بما يحصل فيه التروي في مثلها عادة؛ لأن المقصود من مدة التروي اختبار السلعة، ومعلوم أن مدة اختبار ثوب لا يمكن أن تتناسب مع مدة اختبار رقيق في خلقه وعمله وقوته وضعفه وما إلى ذلك؛ ولا يمكن أن تتناسب مع مدة اختبار دار في معرفة أخلاق جيرانها، واختبار منافعها، والكشف عن أسسها، وبئرها، وتشطب جدرانها، إلى غير ذلك.
ولا يمكن أن يتناسب مع مدة اختبار دابة في خلقها وخلقها؛ من صعوبة وسهولة وحرن إلى غير ذلك.
وأما قول المختصر في الصاع: من غالب القوت، فهو مذهب المدونة، ولعله يعتمد على حديث جُميع بن عمير عن ابن عمر عند أبي داود، فإن سنده ليس بذاك كما قال الىخطابي. قال المنذري: والأمر كما قال. قال ابن نمير: هو من أكذب الناس. وقال ابن حبان كان رافضيًا يضع الحديث.