للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= إن من اشترى شيئًا فاستغله؛ بأن كان عبدًا، فأخذ كسبه، أو دارًا فسكنها أو أجرها فأخذ غلتها، أو دابة فركبها أو أكراها فأخذ الكراء، ثم وجد بها عيبًا قديمًا، فله أن يردها إلى بائعها، وتكون الغلة للمشتري لأن المبيع كات مضمونًا عليه، قوله -صلى الله عليه وسلم-: "الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ" أي ملك الخراج ثابت بضمان أصله.

قال البغوي: وكذلك قال الشافعي فيما يحدث في يد المشتري من نتاج الدابة، وولد الأمة ولبن الماشية وصوفها، وثمرة الشجرة المشتراة، إنَّ الكل يبقى للمشتري، وله رد الأصل بالعيب. وذكر ابن قدامة في المغني أن المردود بالعيب لا يخلو من أن يكون بحاله، فإنه يرده ويأخذ رأس ماله، أو يكون المبيع قد زاد بعد العقد، قال: فذلك قسمان:

١ - أن تكون الزيادة متصلة كالسمن، والكِبَر، والتعلم، والحمل قبل الوضع، والثمر قبل التَّأبير، فهذا يرده معه كله لأنه أمر يتبع في العقود والفسوخ.

٢ - أن تكون الزيادة منفصلة، وهي نوعان:

أحدها أن تكون الزيادة من غير عين المبيع كالكسب، والغلة، وهي المنافع الحاصلة من جهتها كالخدمة والأجرة، وكذلك ما يوهب للعبد أو يوصى له به، فكل ذلك للمشتري في مقابل ضمانه؛ لأن المبيع لو هلك هلك من مال المشتري، وهذا معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: "الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ".

قال: ولا نعلم في هذا خلافًا. وقد روى ابن ماجه عن هشام بن عمار عن مسلم بن خالد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن رجلًا اشترى عبدًا فاستغله ما شاء الله، ثم وجد به عيبًا فرده، فقال: يا رسول الله، إنه استغل غلامي. فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ". رواه أبو داود، والشافعي، ورواه سعيد في سننه عن مسلم بهذا الإِسناد، وقال فيه: "الْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ". وبهذا قال أبو حنيفة، ومالك، والشافعي. ولا نعلم عن غيرهم خلافهم.

- والنوع الثاني أن تكون الزيادة من عين المبيع كالولد، والثمرة، واللبن، فهي للمشتري ويرد الأصل دونها. كذا قرر ابن قدامه وقال: وبهذا قال الشافعي. وفصل مالك فقال: إن كان النماء ثمرة لم يردها، وإن كان ولدًا رده مع أصله. قال: لأن الرد حكم فسرى إلى ولدها كالكتابة. وقال أبو حنيفة: النماء الحادث في يد المشتري يمنع من الرد؛ لأنه لا يمكن رد الأصل بدونه =

<<  <  ج: ص:  >  >>