= وأبو بُرْدَةَ إلى عبد الله بن أبي أوفى فقالا: سله هل كان أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- يسلفون في الحنطة؟. فقال عبد الله: كنا نسلف نبيط أهل الشام في الحنطة والشعير والزيت؛ في كيل معلوم إلى أجل معلوم. قلت: إلى من كان أصله عنده؟. قال: كنا لا نسألهم عن ذلك. ثم بعثاني الى عبد الرحمن بن أبْزَى فسألته فقال: كان أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يسلفون على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم نسألهم: ألهم حرث أم لا؟
واشترط أبو حنيفة وجود المسلم فيه حين العقد الى حين حلول الأجل، قال: مخافة أن يطلب المسلم فيه فلا يوجد فيكون ذلك غررًا، وخالفه سائر الفقهاء، وقالوا: المراعى في ذلك وجوده عند الأجل.
وقال أهل الكوفة والثوري: يشترط أن يذكر موضع القبض فيما له حملٌ ومئونة. وقالوا بفساد السلم إذا لم يذكر موضع القبض.
وقال أصحابنا: لو سكتوا عن موضع القبض لم يفسد البيع ويتعين أن يكون موضع القبض موضع العقد. وبذلك قال أحمد واسحاق وطائفة من أهل الحديث، محتجين بحديث ابن عباس، فإنه ليس فيه ذكر المكان الذي يقبض فيه السلم، ولو كان ذلك من شروطه لبينه النبي -صلى الله عليه وسلم- كما بين الكيل والوزن والأجل. ومثله في ذلك حديث ابن أبي أوفى.
وقال مالك فيمن أسلف في طعام بسعر معلوم الى أجل مسمى، فحلّ الأجل فلم يجد المبتاعُ عند البائع وفاء مما ابتاعه منه فأقاله، قال: الأمر عندنا أنه لا ينبغي أن يأخذ منه الا ورِقه أو ذهبه أو الثمن الذي دفع إليه بعينه، وأنه إن أخذ منه شيئًا غير ذلك بدله، كان ممن باع الطعام قبل قبضه. قال مالك: وقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الطعام قبل أن يستوفى. ا. هـ. ملخصًا من تفسير القرطبي في جملته.
(١) قوله رحمه الله: شرط السلم قبض رأس المال كله أو تأخيره ثلاثًا، ذكر فيه أحد الشروط الثلاثة التي في رأس مال السلم وهو النقد، وقد أجاز فيه أصحابنا تأخير قبضه نحو الثلاثة الأيام لخفة الأمر في ذلك، وجريًا على شطر القاعدة الفقهية الخلافية وهي قولهم: هل قريب الشيء يعطى حكمه أو لا؟. وقد عقدها في المنهج المنتخب بقوله: =