(٣) وقوله: وحرم هديته إن لم يتقدم مثلها، نسب المواق هنا للمدونة، قال مالك: لا ينبغي هدية مديانك إلا من تعودت ذلك منه قبل أن تداينه، وتعلم أن هديته إليك ليست لأجل دينك، فلا بأس بذلك.
وقال القرطبي: ولا يحل أن يُهدي من استقرض هدية للمقرض، ولا يحل للمقرض قبولها إلا أن يكوعا عادتهما ذلك. بهذا جاءت السنة: خرج ابن ماجه: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، حدثنا عتبة بن حميد الضبي عن يحيى بن أبي اسحاق الهنائي، قال: سألت أنس بن مالك عن الرجل منا يقرض أخاه المال فيهدي إليه؟. قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ قَرْضًا فَأَهدَى لَهُ أَوْ حَمَلَهُ عَلَى دَابَّتِهِ فَلَا يَقْبَلْهَا وَلَا يَرْكَبْهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَبْلَ ذلِكَ". ا. هـ. وفي منتقى الأخبار عن أبي بردة بن أبي موسى، قال: قدمت المدينة، فلقيت عبد الله بن سلام فقال لي: إنك بأرض فيها الربا فاشٍ فإذا كان لك على رجل حق فأهدى إليك حمل تبن أو حمل شعير أو حمل قت فلا تأخذه فإنه ربا. رواه البخاري في صحيحه.
قال الشوكاني: والحاصل أن الهدية والعارية ونحوهما إذا كانت لأجل التنفيس في أجل الدين، أو لأجل رشوة صاحب الدين، أو لأجل أن يكون لصاحب الدين منفعة في مقابل دينه، فذلك محرم لأنه نوع دش الربا أو رشوة، وإن كان ذلك لأجل عادة جارية بين المقرض والمستقرض قبل التداين فلا بأس. ا. هـ. منه.
(٤) وقوله: أوجرّ منفعة، في المغني لابن قدامة. قال ابن المنذر، أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة أو هدية، فأسْلف على ذلك، أنَّ أخذ الزيادة على ذلك ربا. قال: وقد روي عن أُبيّ بن كعب، وابن عباس، وابن مسعود أنهم نهوا عن قرضٍ جرّ منفعة. قال؛ ولأنه عقد إرفاق وقربة، وإذا شرطت فيه الزيادة أخرجته عن موضعه، ا. هـ. منه.
قال الشوكاني: ومما يدل على عدم حل القرض الذي يجر إلى المقرض منفعة، ما أخرجه البيهقي في المعرفة عن فضالة بن عبيد موقوفًا بلفظ. "كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَهُوَ وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ الرِّبَا". ورواه في السنن الكبرى عن ابن مسعود وأبي بن كعب وعبد الله بن سلام وابن عباس موقوفًا