= والشعبي. كان عمر بن عبد العزيز يقسم ماله بين الغرماء ولا يحبس. وبه قال عبد الله بن جعفر، والليث بن سعد. ا. هـ. بنقل المغني.
وقال القرطبي في تفسيره: ويحبس في المفلس في قول مالك، والشافعي، وأبي حنيفة وغيرهم حتى يتبين عدمه. ولا يحبس عند مالك إن لم بتهم أنه غيب ماله ولم يتبين لدَدُه، وكذلك لا يحبس إنْ صحَّ عسره، ا. هـ.
قلت: والدليل في ذلك قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}. ومن السنة حديث أبي سعيد الخدري عند مسلم في قصة معاذ بن جبل رضي الله عنه، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لغرمائه:"خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إِلَّا ذلِكَ". وفي مصنف أبي داود: فلم يزد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غرماءه على أن خلع لهم ماله. وهذا نص في محل النزاع، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يأمر بحبس الرجل. ا. هـ. من القرطبي.
وفي مصنف ابن أبي شيبة: حدثنا جرير عن طلق بن معاوية، قال: كان لي على رجل ثلاثمائة درهم فخاصمته إلى شريح، فقال الرجل: إنهم وعدوني أن يحسنوا إليَّ. فقال شريح:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}. الآية. قال: وأمر بحبسه، وما طلبت إليه أن يحبسه، حتى صالحني بمائة وخمسين درهمًا.
وفي ابن أبي شيبة أيضًا بسنده عن أبي المنهزم، أن رجلًا أتى أبا هريرة في غريم له فقال: احبسه قال: قال أبو هريرة: هل تعلم له عينًا فآخذه به؟. تال: لا. قال: فهل تعلم له عقارًا أكسره؟. قال: لا. قال: فما تريد؟. قال: احبسه قال. لا، ولكني أدعه يطلب لك ولنفسه ولعياله. ا. هـ.
قلت: فقد تبين لك من خلال الأدلة أن المدين يحبس في الدين إذا كان واجدًا ولم يقض ما عليه؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لَيُّ الْوَاجِدِ ظُلْمٌ يُحِلُّ عُقُوبَتَهُ وَعَرْضَهُ". وإنه إذا كان مجهول حال: وادعى عليه غريمه وجود مال، حبس حتى تتبين براءته، أما إذا كان معلوم العدم أو صدقه غريمه، فإن الدليل إلى جانب من يقول بعدم سجنه. والله الموفق.