= والرابع: أن لا يكون تعلق بها حق الغير، فإن رهنها المشتري ثم أفلس، أو وهبها ثم أفلس، لم يملك البائع الرجوع فيها، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"مَنْ وَجَدَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أفْلَسَ فَهُوَ أحَقُّ بِهِ". وهذا لم يجده عند المفلس. قال: ولا نعلم في هذا خلافًا.
والشرط الخامس: أن يكون المفلس حيًّا، فإن مات فالبائع أسوة الغرماء، سواء علم بفلسه قبل الموت فحجر عليه ثم مات، وسواء تبين فلسه بعد الموت. وبهذا قال مالك واسحاق، وقال الشافعي: له الفسخ واسترجاع العين. واحتج بما رواه ابن خَلَدَة الزرقي قاضي المدينة قال: أتينا أبا هريرة في صاحب لنا قد أفلس، فقال أبو هريرة: هذا الذي قضى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أَيُّمَا رَجُلٍ مَاتَ أوْ أَفْلَسَ، فصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِمتَاعِهِ إِذَا وَجَدَهُ بِعَيْنِهِ". رواه أباِ داود وابن ماجه.
قال في المغني: وهو حديث مجهول الإِسناد، قال ابن عبد البر: يرويه أبو أبو المعتمر عن الزرقي، وأبو المعتمر غير معروف بحمل العلم، ثم هو غير معمول به إجماعًا، فإنه جعل المتاع لصاحبه بمجرد موت المشتري من غير شرط فلسه، ولا تعذر وفائه، ولا عدم قبض ثمنه، والأمر بخلاف ذلك عند جميع العلماء إلا ما حكي عن الاصطخري من أصحاب الشافعي، وهو شذوذ عن أقوال أهل العلم، وخلاف للسنة لا يعرج على مثله.
والدليل على أن البائع إن مات المشتري المفلس يكون أسوة الغرماء، قد تقدم لك بعضه، وهو حديث الموطإ، ومنه ما رواه أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن ابي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث المفلس قال:"فَإنْ مَاتَ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أُسْوَةُ الْغُرمَاء". رواه أبو داود.
وروى أبو اليمان عن الزبيدي، عن الزهري، عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أَيُّمَا امْرِئٍ مَات وعِنْدَهُ مَالٌ امْرِئٍ بِعَيْنِهِ، اقْتَضَى مِنْ ثَمَنِهِ شَيْثًا أوْ لَمُ يَقْتَضِ، فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاء". رواه ابن ماجه. ا. هـ. من المغني لابن قدامة باختصار وتصرف.