للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الإيمان، فهو حكم بين حكمين، وبالله التوفيق.

وفي الموطإ بعد ما ساق حديث عائشة رضي الله عنها في خبر سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في نزاع ابن وليدة زمعة:

وحدثني مالك عن زيد بن عبد الله الهادي، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن سليمان ابن يسار، عن عبد الله بن أبي أمية، أن امرأة هلك عنها زوجها فاعتدت أربعة أشهر وعشرًا، ثم تزوجت حين حلت، فمكثت عند زوجها أربعة أشهر ونصف شهر، ثم ولدت ولدًا تامًا، فجاء زوجها إلى عمر ابن الخطاب فذكز ذلك له، فدعا عمر نسغ من نساء الجاهلية قدماء فسألهن عن ذلك، فقالت امرأة منهن: أنا أخبرك عن هذه المرأة، هلك عنها زوجها حين حملت فأهريقت عليه الدماء فَحُشَّ ولدها في بطنها، فلما أصابها زوجها الذي نكحها وأصاب الولد الماء تحرك الولد في بطنها وكبر، فصدَّقها عمر ابن الخطاب وفرَّق بينهما. وقال عمر: أما إنه لم يبلغني عنكما إلّا خيرٌ، وألحق الولد بالأول.

قلت: تكررت هذه المسألة بعينها عام ١٣٨٤ هـ. ببعض البلاد الأفريقية حين توفي رجل كان يحدث بعض أصدقائه -حين طلبوا منه التأني معهم بعض الشيء قبل أن يرجع لأهله- فأخبرهم أن سبب استعجاله هو أنه ترك زوجته بها حمل ولا يريد البطء عنها، فأصيب، عليه رحمة الله، في حادث سيارة في وجهه ذلك، فاعتدت المرأة أربعة أشهر وعشرًا ولم تظهر ريبة، فتزوجها أحد بني عمومتها. ولما مكثت عنده أربعة أشهر وكثيرًا من الخامس نفست، فجاءت ببنت، فلما رفعت القضية لقاضي البلدة، فرق بين الزوجين وألحق البنت بالأول. وسبحان الله فإنها نفس القضية التي وقعت في زمن عمر ابن الخطاب تكررت في آخر القرن الرابع عشر الهجري. فسبحان القادر على كل شيء.

وأما ما نقله المواق عن ابن رشد أنه لا خلاف يعلمه أن المرأة لا يجوز لها أن تستلحق، فهذا ابن قدامة ينقل عن أحمد بن حنبل في رواية ابن منصور، في امرأة ادعت ولدًا، قال: فإن كان لها إخوة أو نسب معروف، فلابد من أن يثبت أنه ابنها، فإن لم يكن لها دافع، فمن يحول بينها وبينه؟ قال: وهذا لأنها متى كانت ذات أهل فالظاهر أنه لا تخفى عليهم ولادتها، فمتى ادَّعت ولدًا لا يعرفونه فالظاهر كذبها، قال: ويحتمل أن تقبل دعواها مطلقًا، لأن النسب يحتاط له، فأشبهت الرجل، اهـ. منه بلفظه.

<<  <  ج: ص:  >  >>